هَذَا المال، لكِن قد يَكُون الْإِنْسَان مثلًا من جهة أخرى يَعصي اللهَ وفَرَّط فِي الصَّلَاة أو مُفَرّط فِي الصِّيَام، فهَذَا لا نَصِفُه بأنه شاكر عَلَى الإطلاق، لَكِنَّهُ قائمٌ بِشُكْرِ النعمةِ المعيَّنة.
إِذَنِ: الشكرُ نوعانِ: شُكْرٌ مُطْلَقٌ وشكر خاصٌّ، فالشكر الخاصّ أن يقومَ بشكرِ النعمةِ المعيَّنة بما تَقْتَضِيهِ، والشكر العامّ أن يَكُون قائمًا بطاعة المُنْعِمِ مُطْلَقًا فِي جميع الأحوال، وأنت لو تأمَّلتَ هَذَا وجدته موجودًا فِي عامَّة الأوصاف المحمودة والمذمومة أيضًا، فالتوبة قد يُوصَف الْإِنْسَان بأنه تائبٌ توبةً خاصَّةً مقيَّدة من ذنب معيَّن، وقد يُوصَف بأنه منَ التائبين عَلَى سبيل الإطلاق.
قول سُلَيمان - صلى الله عليه وسلم -: {أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} عَلَى أيِّ وجهٍ نَحْمِله؟
إِذَا قُلْنَا: إنَّهُ عَلَى العموم، فمعناه أَنَّنا رَمَيْنا سُلَيمان - صلى الله عليه وسلم - بأنه لَيْسَ بشاكرٍ لنعمةِ اللهِ فِي غير هَذَا، وإذا قُلْنَا: إنَّهُ عَلَى الخصوص، يعني عَلَى هَذِهِ النعمة المعيَّنة، فَهُوَ أَولى، ولهَذَا قَالَ:{هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي} يَخْتَبِرني به {أَأَشْكُر} الله عليه {أَمْ أَكْفُرُ} فالظَّاهر أَنَّهَا هنا عَلَى سبيل الخصوصِ، يعني: عَلَى هَذِهِ النعمة، أَمَّا النِّعم الأُخْرَى فنحن نؤمنُ بأن سُلَيمان قد قام بشكرها؛ لِأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم فِي قِصَّة النَّمْلة قَالَ مثل هَذَا الكَلام:{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}[النمل: ١٩]، فالذي نَعتقد، وَهُوَ أقربُ من حالِ سُلَيمان، أَنَّهُ قد شكرَ نعمةَ اللهِ عَلَى النعمِ الأُخْرَى، فقال:{أَأَشْكُرُ} عَلَى هَذِهِ النعمةِ ولم يقلْ: أَأُتِمّ الشكرَ. وقوله:{أَأَشْكُرُ} فعل مطلَق.
فالحاصل: أن الَّذِي يظهر لنا أَنَّهَا عَلَى هَذِهِ النعمةِ، ليبلوني هل أشكرها أم