ويُضْمِر فِي قلبه أَنَّهُ شاكرٌ لله عَلَى جميع النعمِ، لكِن عند نعمة معيَّنة تحتاج هِيَ أيضًا إِلَى شكر خاصّ، فالشكر عَلَى المالِ لَيْسَ كالشكرِ عَلَى غيره، مثلًا إِنْسَان عنده قوَّة وقُدْرة عَلَى الرميِ والجهادِ فشكرُ هَذِهِ النعمةَ أنْ يَسْتَعْمِلَها فِي الجهاد، يعني يجاهد.
عنده قدرة عَلَى بَيَان الحَقّ بما أعطاه الله تَعَالَى من العلمِ والفهمِ شُكْرُ اللهِ عَلَى هَذِهِ النعمةِ أنْ يُبَيِّن هَذَا الأَمْرَ.
فتجد أن الشكر يَختلف إذا اعتبرنا كُلّ نعمةٍ بِحَسَبِها؛ لِأَنَّ الأَمْر يختلف، نَقُول: شكر هَذَا غير شكر هَذَا، لكِن الشكر المطلَق أنْ نَعْتَقِدَ بأن جميعَ الفضائلِ والإنعاماتِ كلّها منَ اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فهَذا يَشترك فيه جميعُ النَّاسِ.
والمُراد بالكفرِ هنا كفرُ النعمةِ، وقد تقدَّم أن الشكرَ والتوبةَ والكفرَ والإِيمانَ كُلّ هَذِهِ تَتبَعَّض وتكمل: مُطْلَق شَيْء وشَيْء مُطْلَق.
إِذَا قَالَ قَائِلٌ: كيف يَقُول سُلَيمَان: أم أكفر. والكفر كلمة نابيةٌ تَنْفُرُ مِنْهَا النفس، فلماذا لم يقل:(أأشكر أم لا أشكر) مَعَ أن المَعْنى واحد، لكِن هَذِهِ أهونُ؟
قُلْنَا: لأجلِ رَدْعِ نفسِه عن المخالفةِ وعدم القيام بالشكر، حَتى يُبين لنفسه أَنَّهُ إذا لم يشكرْ فمعناه هُوَ الكفر، فلكلِّ مَقامٍ مقال، فقد تخاطب إِنْسَانًا ترى أَنَّهُ لم يشكرْ نعمة الله عليه فتَخْشَى إذا قلتَ: أنت كافر بالنعمة أن ينفرَ منك ويزداد نفورًا حَتَّى من النعمة.