للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الريشةَ أيضًا لا تستقيم معه، ومرة يضيع منه فيُتعبه، ويشتري قلمًا آخرَ ويبقى عنده مدَّة، لكِن هَذَا لَيْسَ تشاؤمًا ولكِنه شؤم.

كذلك في بعض النِّسَاء، فيتزوج الْإِنْسَان امرأة وتتعبه ليلًا ونهارًا، فِي حوائجه الْعَامَّة والخاصَّة ومع أهله وأقاربه، ويتزوج أخرى فتكون راحةً نفسية وقُرَّة عَيْن.

فالحاصل: أن هَذِهِ الأَشْيَاء أمرها واقع، ولكِن الرَّسُول ما قَالَ: (التشاؤم) قَالَ: (الشؤم)، وفرق بين هَذَا وبين هَذَا، فمعنى ذلك أن هَذِهِ الأَشْيَاء يجد النَّاس فيها أحيانًا بركةً وراحةً، وأحيانًا يجدون فيها قَلَقًا وتَعَبًا.

لَوْ قَالَ قَائِل: الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ ... " وذَكَرَها (١)، وقال: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (٢)، فامتدحَ حالها مَعَ الشخصِ، فهل معقود فِي نواصيها الخير مُطْلَقًا أو فِي حال الجهاد؟

فالإجابة: في حالِ الجهادِ؛ لِأَنَّ الخيلَ قد تكون وِزرًا، والرَّسُول عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَكَرَ بعدها مثالًا فِي الَّذِي يربطها بالجهادِ فِي سبيل اللهِ أَنَّهَا لا تستبين ولا تعلو شَرَفًا ولا تأتي رَوْضَةً ولا تشرب ماءً إِلَّا كان له أَجْرٌ (٣)، فالسَّبَب يَقتضي ذلكَ، وإن كانتِ العبرةُ بعمومِ اللفظِ، لكِن ما دام أن السَّبَب صالحٌ لإحالةِ الحكمِ عليه فيجب أن


(١) رواه البخاري، كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة، حديث رقم (٤٨٠٦)؛ ومسلم، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيهِ من الشؤم، حديث رقم (٢٢٢٥)، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٢) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، حديث رقم (٢٦٩٥)؛ ومسلم، كتاب الإمارة، باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، حديث رقم (١٨٧٣)، عن عروة البارقي - رضي الله عنه -.
(٣) رواه البخاري، كتاب المساقاة، باب شرب الناس والدواب من الأنهار، حديث رقم (٢٢٤٢)؛ ومسلم، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، حديث رقم (٩٨٧)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>