الَّتِي تُجرَى عَلَى بعضِ النباتاتِ وبعض الأدوية فيُعرَف تأثيرها، فهَذَا سَبَبٌ قَدَرِيّ جاء به القدرُ، لكِن لَا بُدَّ أنْ يعتقدَ أن النافعَ هُوَ اللهُ وأن هَذَا من أَسْبابِ النفعِ، لكِن لوِ اعتقدَ أَنَّهُ ينفع بنفسِهِ وَلَيْسَ سببًا محضًا صارَ متَّخِذًا مَعَ اللهِ إلهًا. المهمُّ أن الأَشْيَاء الَّتِي لم يَدُلّ عليها الشرعُ ولا القدرُ هَذِهِ لا يجوزُ أنْ نُثْبِتَ أَنَّهَا أَسْباب، مثل: إِنْسَان علَّق خيطًا برقبتِه، قَالَ: هَذَا لدفعِ العينِ، فالذي يعلق هَذَا الخيطَ لا يصابُ بالعينِ، فهَذَا لَيْسَ بسببٍ، ولَيْسَ بصحيحٍ، فأين الشرع الَّذِي دلَّ عليه وأين القدرُ الَّذِي دلَّ عليه؟ ! وكم من إِنْسَانٍ يُصاب بالعينِ وعليه هَذَا الخيطُ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: تقنين القوانين الوضعيَّة يُعتبَرُ شِركًا أصغرَ أو أكبرَ، وهل يدخل فِي مسألة الأَسْبَاب؟
فالإجابة: التقنين لا يدخل فِي هَذِهِ المسألةِ، وهي مسألة الأَسْبَاب الَّتِي أَشرنا إليها، نحن نتكلمُ عنِ الأَسْبَاب، فمن جعل سببًا لمسببات معينة بدون شرع ولا قدر فَهُوَ مشركٌ.
وأمّا مسألة التشريعِ فليستْ داخلةً فِي مسألةِ الأَسْبَاب الَّتِي أشرنا إليها، هَذِهِ من جهةٍ أخرى، فالتشريعُ حُكْم بغير ما أنزلَ اللهُ، أي: إِنْسَان يَشْرَع ما لم يَشْرَعْهُ الله، ويعتقد أن الله لم يشرعْه وَأَنَّهُ أصلح ممَّا شرعَ اللهُ، فَهُوَ كافرٌ كفرًا مُخْرِجًا منَ المِلَّة، سواء حكم به أم لم يحكمْ أم تركَ النَّاس يحكمون به، ولهَذَا يَجِب أن نفرِّق بين مَن لم يحكمْ بما أنزلَ اللهُ تشريعًا، وبين مَن لم يحكمْ بما أنزلَ اللهُ فِعلًا، فالَّذِي يحكمُ بغيرِ ما أنزلَ اللهُ فِعلًا لا تَشريعًا هَذَا قد يكفر وقد يفسق وقد يظلم، وَالَّذِي يحكم بغيرِ ما أنزلَ اللهُ تَشريعًا، بمعنى أَنَّهُ يجعله هُوَ الشرعَ؛ شرع مُبَدَّل بدل شرع مُنْزَل، هُوَ يرى أن هَذَا الشرع المبدل أصلح للعالمِ من الشرعِ المنزلِ، فهَذَا كافر، ولا ينقسم فعله