للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيرًا فِي الْقُرْآن، والأرض ما ذُكرتْ إِلَّا بلفظِ الإفرادِ، إِلَّا أن الله قَالَ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢]، وإلَّا فبقيَّة الآيَات بل حَتَّى فِي هَذِهِ الآيَة ما ذُكرت إِلَّا مفردةً، ولم يقل: (ومنَ الْأَرَضين مثلهنّ)، لَكِنَّها وردتْ فِي السنّة مجموعةً ومبيَّن أَنَّهَا سبع.

قوله: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: (ماء) هل هِيَ مَفْعُول أو مَفْعُول به؟

مَفْعُول به، لِأَنَّ الماء موجود.

قوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ} اللام للتعليل أو للإباحة، ولَكِنَّهَا للتعليل أبلغ؛ لِأَنَّهَا إذا كانت للتعليل شَمِلَتِ الإباحةَ وشَمِلَتْ ما يَكُونُ به النفعُ من هَذَا الماء وإنْ لم يلامِسْها.

قوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} المُراد بالسَّمَاء هنا العُلُوّ، والدَّلِيل عَلَى ذلك أنَّ الماءَ هَذَا ينزل منَ السَّحابِ، وقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: ١٦٤]، فدلَّ هَذَا عَلَى أن المُرادَ بالسَّمَاءِ هنا العلوُّ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا} فِيهِ التفاتٌ مِنَ الغَيْبَةِ إِلَى التكلُّمِ]، الغَيبة فِي قوله: {أَمَّنْ خَلَقَ} وقوله: {وَأَنْزَلَ}، وهنا قَالَ: {فَأَنْبَتْنَا}، والالتفاتُ فِيهِ فوائدُ الانتباهِ لِئَلَّا يَنساب معه المخاطَب وَيغْفُلُ عنه، وهو من المحسّنات البديعيَّة.

قوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} قَالَ المُفَسِّر: [{حَدَائِقَ} جمع حَدِيقة، وَهُوَ البُستان المَحُوط]، يعني الَّذِي عليه حائطٌ [{ذَاتَ بَهْجَةٍ} حُسْن]، فالبهجة بمعنى الحُسن؛ لِأَنَّ القلب يَبْتَهِجُ بها وَينْشَرِح

<<  <   >  >>