أحكام النِّسَاء المهاجراتِ قَالَ:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}[الممتحنة: ١٠]، والحُكْم القَدَرِي مثل قول أخي يُوسُف:{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي}[يوسف: ٨٠]، يعني يُقدِّر، لا يَنتظر حُكمًا شَرْعِيًّا، بل يَنتظِر حكمًا قَدَريًّا. والحكم الشَّرْعِيّ هل يمكن مخالفتُه؟ نعم يُمْكِن، فمِنَ النَّاسِ مَن يَقْبَلُه ومنَ النَّاسِ مَن لا يقبلُه. والحكم القَدَرِي لا يُمْكِن مخالفتُه، إذن فَهُوَ واقعٌ لا محَالةَ، فإذا حَكَمَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى بشيءٍ قَدَرًا فَهُوَ واقعٌ لا محالةَ.
مسألة: الحكْم الشَّرْعِيّ محبوبٌ لله أو مبغوضٌ إليه؟ محبوب ومبغوضٌ، فإذا حَكَم بفعلِ الشَّيْءِ فَهُوَ محبوبٌ، وإنْ حَكَمَ بتركِه فَهُوَ مكروهٌ. فاللهُ تَعَالَى حَكَمَ بتحريمِ الزِّنَا مثلًا وَهُوَ مكروهٌ له، وحَكَمَ بتحريمِ الشّركِ وَهُوَ مكروهٌ له.
والحكم الكونيُّ كذلك، فِيهِ محبوبٌ وفيه مكروهٌ لله، ولا يمكن أنْ نُعارِضَ ذلك فنَقُول: كيف يَقَع الحُكْمُ الكونيُّ وَهُوَ مكروهٌ له؟ إذنَ معناه أن الله يُجْبَرُ، يَعْنِي يفعل شيئًا وَهُوَ يَكْرَهُه، وهَذَا ما يَكُونُ إِلَّا فِي فاعلٍ يُجبَر، فهل الله تَعَالَى يُجْبَر؟
نَقُول: لا، إذنْ كيف تقول: إن فِي الحكْم الكونيّ ما هُوَ مكروهٌ لله؟
نَقُول: معناه هُوَ مكروهٌ من وجهٍ ومحبوبٌ من وجهٍ آخرَ، فَهُوَ من حَيْثُ ذَاتُهُ مكروه لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، كالمَعاصِي، فالله تَعَالَى يقدِّر المَعاصِيَ مَعَ أنَّهُ يَكْرَهُها، لَكِنَّهُ محبوبٌ إليه من وجهٍ آخرَ، وَيكُون هَذَا الوجهُ أقوى منَ الوجهِ الآخرِ فيقع هَذَا الشَّيْء.
إِذَنْ: حَكيم مُشْتَقَّة مِنَ الحكْمِ والإحكامِ، والحُكْم المتَّصِف به الله سبحانه وتعالى يَنقسم إِلَى قسمينِ: كَوْنيّ وشَرْعِيّ، ولكلٍّ مِنْهما حُكْم، فالحُكْمُ الشَّرْعِيّ لا يَلزَم منه وُقوع المحكومِ به؛ لِأنَّهُ قد يَقَع وقد لا يقعُ، والحكمُ الكونيُّ يَلزَم منه وقوعُ المحكومِ