للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمّا قول بعض العُلَماء: إن نور القمرِ يَنعكِس أيضًا عَلَى السَّماوَات ويَكُون له نور من جهةِ الْأَرْض ونور من جهة السَّمَاء فليس بصحيحٍ، بل المَعْنى (فيهنَّ) أي: فِي جهتينِ، وإن كَانَ القمر فِي الحقيقةِ ما تخللَ السَّمَاء الدُّنْيا حَتَّى كَانَ فِي جهة السًّماء الثَّانِيَة والثَّالثة والرَّابِعة، لكِن الجهة بينهن واحدة.

وقوله: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} يَعْنِي: من فِي السَّماوَات والْأَرْض لا يَعْلَمُون الغيبَ إِلَّا الله، وأين الله؟

في السَّماوَات، أي فِي جهتها، والسَّمَاء: العُلُوُّ، أو نَقُول: (في) بمعنى (عَلَى)، أي عَلَى السَّمَاء.

يَبقَى عندنا عَلَى رأيِ مَن يقولُ: إنَّهُ لا يجوز للمسلمِ أنْ يعتقدَ أنَّ الله فِي السَّمَاء، لِأَنَّ الله لَيْسَ له مكانٌ، عَلَى زعمهم، كيف نُخَرِّج الآيَة؟

نخرِّج الآيَة عَلَى ثلاثة أوجهٍ: إمَّا أن نجعل {فِي السَّمَاوَاتِ} متعلقًا بفعل مناسبٍ، ويَكُون التَّقْدير: (مَن يُذكَر فِي السَّماوَات والْأَرْض الغيبَ إِلا الله) وَعَلَى هَذَا يَكُون الاستثناء متَّصِلًا، وَهُوَ مرفوعٌ عَلَى البدليَّة، ولا إشكال فيه، يعني لا إشكال فِيهِ من حَيْثُ الإعرابُ، لكِن من حَيْثُ المَعْنى غير مُسَلَّمٍ، هَذَا وجهٌ.

الوجه الثاني: يَقُولُونَ: نجعل الاستثناء منقطعًا، وَيكُون الرفعُ هنا عَلَى لغةِ بني تَميمٍ الَّذِينَ يجوّزون الإبدالَ ولو كَانَ الاستثناء مُنقطِعًا.

الوجه الثَّالث: أن نجعل الاستثناءَ منقطعًا، ولكِنه لَيْسَ تابعًا لما سبق؛ بل هُوَ مبتدأ وخبره محذوفٌ، وَهُوَ الَّذِي مشَى عليه المُفَسِّر حَيْثُ قَالَ: [لَكِن الله يَعلَمه].

وهَذه التفسيراتُ والتَّقْديراتُ ممَّا حذَّر مِنْهَا النَّبِيّ عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَيْثُ قَالَ:

<<  <   >  >>