عُرْضَة للخللِ من الناحيتينِ؛ من ناحية أَنَّهُ قد يَكُون غيرَ عدلٍ، ومن ناحية أَنَّهُ قد يَكُون غير مُنَفَّذ.
قوله:{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ} أي: عدله، وهَذَا طرفٌ أو جزءٌ مِمَّا يَدُلّ عليه قوله {بِحُكْمِهِ}؛ إذ إنَّهُ يَدُلّ عَلَى الأَمْرينِ اللذينِ ذكرنا.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَهُوَ الْعَزِيزُ} الغالب]، وقد تقدَّم فِي شرح الأسماء الحسنى أن العزيز له ثلاثةُ معانٍ، وهي: عِزّة القهر، وعزة القَدْر، وعزة الامتناع؛ لِأَنَّ {الْعَزِيزُ} معناه المُمْتَنِع عن كُلّ نقصٍ الَّذِي لا يَلْحَقه نقصٌ، وَأَنَّهُ غالب وَأَنَّهُ ذو قَدْرٍ عظيمٍ.
وغالبًا ما يفسِّر المُفَسِّر وغيره {الْعَزِيزُ} بالغالبِ؛ لِأَنَّهُ أظهر معانيه، ولأنه يَكُون أحيانًا فِي سياقٍ يَقتضي أن تكون الغَلَبَة أخَصَّ به من غيرها.
فالأوّل الَّذِي هُوَ فواتُ العلمِ: يَحصُل به خللُ الحكمِ فِي إصابةِ الصَّوابِ؛ لِأَنَّ مَنْ حَكَمَ بغيرِ علمٍ فإصابته للصوابِ من باب المصادفةِ.
الثاني: إذا فاتت العزّة حَصَلَ الخَلَلُ بالحكمِ، لا من ناحية الصَّوابِ ولكِن من ناحيةِ التنفيذِ، فَإِنَّهُ إذا كَانَ لَيْسَ له عِزّة وحَكَمَ بامرٍ فقد يخالَف فِي هَذَا الأَمْر؛ لِأَنَّ الضعيف الَّذِي لَيْسَ عنده عِزَّة لا ينفّذ، فلهَذَا قَالَ:{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ليتبينَ الأَمْرانِ، فالحكم يَفتقر إِلَى الوصفينِ جميعًا؛ وهما العزّة والعِلم.