لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل يَصِحُّ أن تقول لفلانٍ منَ النَّاس: أَعتمِد عليك فِي إنجاز هَذَا الأَمْر؟
فالجواب: ليس فيها شيءٌ، بشرطِ أن يَكُونَ حقيقةً ممَّا يُمْكِنُ الاعتمادُ عليه فيه؛ لِأَنَّ الاعتماد على الأَسْبَاب الحقيقيَّة جائزٌ، لكِن مَعَ اعتقادِ أَنَّهُ سببٌ لا أَنَّهُ مستقلّ.
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما حُكْمُ قول العوامّ عِندنا: (وَكِّلِ اللهَ)؟
فالجواب: الظَّاهرُ أن معنى (وَكّلِ الله) عندهم: اعتَمِدْ عَلَى اللهِ، وَلَيْسَ المَعْنى: اجْعَلِ اللهَ وَكِيلًا لكَ، أو معناه أن الله تَعَالَى يَكُون شاهدًا عليك، فليس المقصود أنِّي أنا فِي قِيامي بأمركَ مثل قيام الله تَعَالَى بأمرِكَ، فهم قصدُهم: اعتمد عليَّ الله ووكِّلْه عليَّ شهيدًا؛ لأَنَّنا لو نَظَرْنا إِلَى ظاهرِ اللفظِ فالمَعْنى أني أنا لكَ بمنزلةِ اللهِ، وهم لا يريدون هذا، أو المَعْنى (وَكِّل الله) أيِ: اعتمِدْ عَلَى الله، وكذلك قولهم:(اتكل عليَّ) لَيْسَ فِيهِ شَيْء، وقولهم:(الله وكلك) لَيْسَ فِيهِ شيءٌ، أي جَعَلَكَ وكيلًا لي بالصيغةِ الَّتِي نطقت بها؛ لِأَنَّهُ الله وكَّله بلَا شَكّ؛ لِأَنَّهُ إذا وقع الأَمْر فَهُوَ بقضاءِ اللهِ، وكذلك قولهم:(اتَّكِلْ عَلَى اللهِ) فهَذهِ صحيحةٌ وطيِّبَةٌ.
وأمَّا قوله:{الْمُبِينِ} ففسَّره بالبيِّن، وَعَلَى هَذَا جعل (أبان) من اللازِمِ؛ لأنَّ بان يَبِينُ فَهُوَ بَيِّن، وأبان يُبِينُ فَهُوَ مُبِين. وهل تَصِحّ أن تكونَ بمعنى (مُظْهِر)؟