للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} عن حالِ الطريقِ، وَكَانَ قد ضَلَّها]، هَذَا واضحٌ، فالخبرُ الَّذِي يريد هو خبرُ مَن يَدُلُّه عَلَى الطريقِ؛ لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ قد ضلَّها.

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} بالإضافةِ للبَيَان وتركها (١) أي: ترك الإضافة، ففيها قراءتانِ: "أَوْ آتِيكُم بِشِهابِ قَبَسٍ" أو قراءة {بشِهَابٍ قَبسَ}، أَمَّا قراءة "بِشِهَابِ قَبَسٍ" فهي للبَيَان كما قَالَ المُفَسِّر، والإضافة إذا كانت للبَيَان فهي عَلَى تقدير (مِن) مثلما يقال: خاتَمُ حديدٍ، أي: خاتم من حديدٍ، فهنا قوله: (شهابِ قَبَس)، أي: شهابٌ من قبس؛ لِأَنَّهَا بَيَانيَّة، وإذا جعلناها: (شِهابٍ قَبَسٍ) صارت قَبَس صِفَة لِشِهَاب، صفة مبيّنة أيضًا، فيَكُون الإضافةُ والقطعُ بمعنًى واحد.

في قوله: {أَوْ آتِيكُمْ} هل (أو) هذه مانعة جمع أو مانعة خُلُوّ؟

والفرقُ بينهما أن مانعة الجمع معناها أنَّهُ ما يَكُون إِلَّا أحد الأَمْرينِ؛ إِمَّا هَذَا أو هَذَا، ومانعة الخلوّ مَعناها ما يَخْلُو الأَمْرُ من واحدٍ منهما، أو منهما جميعًا، وهي تُشبِه قول النحْوِيِّين: إِنَّ (أو) تأتي للإباحةِ وللتخييرِ، قَالُوا: إذا كانت فِي سياقِ الطلبِ تقول: تزوَّجْ هندًا أو أُختها، فـ (أو) هنا للتخيير وليس للإباحة، وتقول: جالِسْ فلانًا أو فلانًا، وكُلْ خبزًا أو رُزًّا، فـ (أو) هذه للإباحةِ، والَّتي للإباحةِ لا تمَنَع الجمعَ، و (أو) الَّتِي للتخيير تَمنَع الجمعَ، وإذا كانت (أو) فِي خبر جمع فإنَّهم يُسَمُّونها مانعةَ خُلُوٍّ أو مانعة جَمع.

إِذَنْ: هِيَ مانعة خلوّ، بمعنى أنَّهُ يمكن أنْ يَأْتِيَهم بالأَمْرينِ جميعًا: الدلالة، والشهاب القَبَس، وفُهِمَ من هَذَا الكَلامِ {آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} أنَّ


(١) الحجة في القراءات السبع (ص: ٢٦٩).

<<  <   >  >>