للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يفهم أنَّ المَعْنى فله ثوابٌ بِسببِ هَذِهِ الحسناتِ، أبدًا لا يَفْهَم هَذَا، وإنما يفهم أنَّ الثوابَ أكثرُ وأعظمُ وأفضلُ منَ العَمَلِ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَهُمْ} الجاءُونَ بِها {مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} بالإضافةِ وكسرِ الميمِ].

قوله: {مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ}: (فزَع) مضافٌ، و (يوم) مضافٌ إليه، و (يوم) مضافٌ و (إذ) مضافٌ إليه، و (إذ) مضافٌ والجملةُ المحذوفةُ مضافةٌ إليها، فيَكُون عندنا ثلاثُ إضافاتٍ.

وقوله: {مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} الفزعُ بمعنى الخوفِ، ولكِنه لَيْسَ مجرَّد خوفٍ، بل خوفٌ بقلقٍ وحركةٍ واضطرابٍ، ولهذَا يقال: فَزعَ الرجل؛ لَيْسَ مجرَّد أَنَّهُ خافَ، بل تجده قَلِقًا ثُمَّ يحاول مثلما نَقُول فِي اللُّغة العامِّيَّة: (يفز) من الفَزَع، وكلمة فزَع مفرَد مضافٌ فيَعُمّ كُلّ ما يحصلُ به الفزعُ؛ لِأَنَّ يومَ القيامةِ فِيهِ أفزاع؛ عِدَّة أَسْبابٍ للفزعِ، كأخذِ الكتبِ بالشمالِ أو باليمينِ، وكذلك أيضًا دُنُوّ الشَّمْسِ، وكذلك الميزان، وكذلك الحَوْض المَوْرُود، وكذلك أيضًا يُنَادَى عَلَى الظالمينَ: أهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى الله (١) ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كُلّ هَذِهِ تُثير المرءَ وتُوجِب الفزعَ، لكِن هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأتون بالحسنة آمنون.

قال: [مِنْ فزَعِ يَوْمَئِذٍ]، أضافَ الفزعَ إِلَى يومِ القيامةِ، لِأَنَّهُ فزعٌ لا نظيرَ له فِي الدّنْيا، وَعَلَى قراءةٍ أخرى يَقُول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي أخرى [بالإضافةِ وكسرِ الميمِ


(١) رواه مسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، حديث رقم (٢٧٦٨)، عن ابن عم -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>