للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا ما دلَّ الدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ خَاصّ بالرَّسُول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهُوَ خَاصّ به، مِثل قوله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧]، ومثل قولِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١].

ويدلُّ عَلَى أن الخطاب المفرد عامٌّ:

أولًا: ما ذكرناه من التعليل؛ أن الْقُرْآن بين أيدي النَّاس جميعًا.

ثانيًا: قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: ١]، فخَاطَب بالإفرادِ والجمعِ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ}.

فدلَّ هَذَا عَلَى أنَّ الخطاب الموجَّه إِلَى الرَّسُول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ موجَّه للأُمَّة ما لم يَدُلّ الدَّلِيل عَلَى اختصاصه به، مثل ما مَثَّلنا بالمثالينِ. وكذلك منه قوله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١]، فإنَّ هَذَا خَاصٌّ بالرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -، وهُوَ الَّذِي حَرَّمَ لكِن مَعَ ذلك الحُكْمُ عامّ.

إِذَنْ: {فَانْظُرْ} نَقُول: أيها المخاطَب {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} فِي هَذِهِ الآيَة.

وهنا مسألتان:

أولًا: {كَانَ} تَرْفَعُ الاسمَ وتنصِبُ الخبر، هَذَا المعروفُ {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦]، وهنا ما نَرَى خبرًا لـ (كان) {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.

ثانيًا: أَنَّهُ إذا كَانَ الفاعل مُؤَنَّثًا كَانَ الفِعْل مُؤَنَّثًا.

والجواب: {كَانَ} هنا ليستْ تامَّة، فالخبرُ مقدَّم وَهُوَ {كَيْفَ}. مقدَّم وجوبًا لأَنَّهُ اسْم اسْتِفْهام، والاسْتِفْهام له الصَّدارَةُ، فلا يمكن أن يأتي الاسْتِفْهامُ فِي وسط

<<  <   >  >>