للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصر وتظاهر الناس بهما (١)، واختفى مذهب الشّيعة من الإماميّة والإسماعيلية. وبطل من حينئذ مجلس الدّعوة بالجامع الأزهر وغيره.

وفيها ابتدأ صلاح الدّين فى غزو الفرنج، فجمع الجنود والعساكر، وخرج فى أحسن زىّ إلى بلاد عسقلان والرملة فشنّ الغارات عليها، وهجم ربض مدينة غزّة، وواقع ملك الفرنج على الدّاروم ففلّ جمعه وقتل منه كثيرا من الفرنج، ونجا ملكهم بحشاشته.

وعاد صلاح الدّين مظفّرا غانما.

ثمّ خرج فى النّصف من ربيع الأوّل ومعه مراكب مفصّلة على الجمال، فسار إلى أيلة، وكان بها قلعة منيعة قد ملكها الفرنج، فألقى المراكب المحمولة معه بعد إقامتها وإصلاحها فى البحر، وشحنها بالرّجال والسّلاح، وضايق قلعة أيلة فى البرّ والبحر حتى افتتحها فى العشرين من ربيع الآخر، وقتل من بها من الفرنج، وسلّمها لثقات من أصحابه أقامهم فيها وقوّاهم بالسّلاح والميرة ونحو ذلك.

ووردت عليه قافلة أهله فسار بهم إلى القاهرة ودخل فى سادس عشرى جمادى الأولى.

ثمّ سار إلى الإسكندرية لمشاهدة سورها وترتيب أمورها، فدخلها وأمر بإصلاح السّور والأبراج؛ فعمر ما تهدّم منه.

وفيها اشترى الملك المظفّر تقىّ الدّين عمر بن شاهنشاه بن أيوب (٢) منازل العزّ بمصر (٣)، فى النّصف من شعبان، وجعلها مدرسة للشافعيّة، وأوقف عليها عدّة أماكن، منها الرّوضة تجاه مصر.


(١) فى الأصل: به. وهو خطأ.
(٢) صاحب حماة، من رجال صلاح الدين الذين اعتمد عليهم فى حروب الوحدة بين مصر والشام عقب وفاة نور الدين محمود، ثم فى تحرير فلسطين، وناب عنه فى مصر فى سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وحدث خلاف بينه وبين صلاح الدين فحاول السير إلى المغرب فترضاه السلطان وولاه حماة. وكان قبل هذا صاحب إقطاع الفيوم حيث أنشأ مدرستين للشافعية والمالكية.
(٣) منظرة بنتها السيدة تغريد أم العزيز بالله، ولم يكن بمصر أحسن منها كما يقول المقريزى، وكانت مطلة على النيل لا يحجبها عنه شيء، وكان بجوارها حمام يصل بينهما باب. وعرفت بعد تحويلها إلى مدرسة باسم المدرسة التقوية. المواعظ والاعتبار: ٤٨٤:١ - ٤٨٥.