للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب لهما بذلك سجلا. قرئ يوم الجمعة على منبر جامع أحمد بن طولون؛ وقبضت أيدى سائر العمال والمتضمنين.

وجلسا غد هذا اليوم فى دار الإمارة (١) فى جامع أحمد بن طولون للنداء على الضياع وسائر وجوه الأموال، وحضر الناس للقبالات، وطالبوا بالبقايا من الأموال مما على المالكين والمتقبلين والعمال *، واستقصيا فى الطلب، ونظرا فى المظالم.

وفيه تبسطت المغاربة فى نواحى القرافة والمعافر، فنزلوا فى الدور، وأخرجوا الناس من دورهم، ونقلوا السكان وشرعوا فى السكنى فى المدينة، وكان المعز أمرهم أن يسكنوا فى أطراف المدينة، فخرج الناس واستغاثوا إلى المعز، فأمر أن يسكنوا نواحى عين شمس، وركب المعز بنفسه حتى شاهد المواضع التى ينزلون فيها، وأمر لهم بمال يبنون به، وهو الموضع الذى يعرف اليوم بالخندق، وخندق العبيد؛ وجعل [لهم] واليا وقاضيا؛ وأسكن أكثرهم فى المدينة مخالطين لأهل مصر، ولم يكن جوهر يبيحهم سكنى المدينة ولا المبيت فيها، وحظر ذلك عليهم، وكان مناديه ينادى كل عشية: «لا يبيتن فى المدينة أحد من المغاربة».

وفى يوم عاشوراء انصرف خلق من الشيعة وأتباعهم من المشاهد من قبر كلثم بنت محمد بن جعفر بن محمد الصادق، ونفيسة (٢)، ومعهم جماعة من فرسان المغاربة ورجالتهم بالنياحة والبكاء على الحسين، وكسروا أوانى السقائين فى الأسواق، وشققوا الروايا، وسبّوا من ينفق فى هذا


(١) يذكر المقريزى هنا أن هذه الدار كانت فى جامع ابن طولون، غير أنه عقد لها فصلا خاصا فى (الخطط، ج ٤، ص ٤٢) ذكر فيه ان هذه الدار كانت بجوار الجامع الطولونى «انشأها احمد بن طولون عند ما بنى الجامع، وجعلها فى الجهة القبلية، ولها باب من جدار الجامع يخرج منه الى المقصورة بجوار المحراب والمنبر .. ولم تزل هذه الدار باقية الى أن قدم المعز لدين الله من بلاد المغرب، فكان يستخرج فيها أموال الخراج .. » ثم ذكر هذا الخبر الوارد هنا نقلا عن ابن زولاق.
(٢) هى السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، ولى أبوها امرة المدينة لأبى جعفر المنصور مدة، ثم قبض عليه وحبسه الى أن أطلقه المهدى ورد عليه جميع ما كان أخذه المنصور منه، ورحلت السيدة نفيسة مع زوجها اسحاق بن جعفر الصادق من المدينة الى مصر، فأقامت بها الى أن ماتت فى شهر رمضان سنة ٢٠٨، وقبرها معروف بالقاهرة يزار حتى اليوم. انظر: (النجوم الزاهرة، ج ٢، ص ١٨٥ - ١٨٦).