للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ذلك لنا ومن أجلنا، دلالةً علينا، وإشارةً إلينا، يهدي به الله من كان له لب سجيح، ورأى صحيح، قد سبقت له منا الحسنى، فدان بالمعنى.

ثم إنه جل وعلا أبرز من مكنون العلم ومخزون الحكم، آدم وحوا أبوين ذكرا وأنثى، سببا لإنشاء البشرية، ودلالة لإظهار القدرة القوية؛ وزاوج بينهما فتوالدا الأولاد، وتكاثرت الأعداد، ونحن ننتقل في الأصلاب الزكية، والأرحام الطاهرة المرضية، كلما ضمنا صلب ورحم أظهر منا قدرة وعلم، وهلم جرا إلى آخر الجد الأول، والأب الأفضل، سيد المرسلين، وإمام النبيين، أحمد ومحمد صلوات الله عليه وعلى آله في كل ناد ومشهد، فحسن آلاؤه، وبان غناؤه، وأباد المشركين، وقصم الظالمين، وأظهر الحق، واستعمل الصدق، وظهر بالأحدية، ودان بالصمدية؛ فعندها سقطت الأصنام، وانعقد الإسلام، وانتشر الإيمان، وبطل السحر والقربان، وهبرت الأوثان، وأتى بالقرآن، شاهدا بالحق والبرهان، فيه خبر ما كان وما يكون إلى يوم الوقت المعلوم، منبئا عن كتب تقدمت، في صحف قد تنزلت، تبيانا لكل شيء، وهدى ورحمة ونورا وسراجا منيرا.

وكل ذلك دلالات لنا، ومقدمات بين أيدينا، وأسباب لإظهار أمرنا، هدايات وآيات وشهادات، وسعادات قدسيات، إلاهيات أزليات، كائنات منشآت، مبدئات معيدات

فما من ناطق نطق، ولا نبي بعث، ولا وصي ظهر، إلا وقد أشار إلينا، ولوح بنا، ودل علينا في كتابه وخطابه، ومنار أعلامه، ومرموز كلامه، فيما هو موجود غير معدوم، وظاهر وباطن، يعمله من سمع الندا، وشاهد ورأى، من الملأ الأعلى؛ فمن أغفل منكم أو نسى، أو ضل أو غوى، فلينظر في الكتب الأولى، والصحف المنزلة، وليتأمل آي القرآن، وما فيه من البيان، وليسأل أهل الذكر إن كان لا يعلم، فقد أمر الله عز وجل بالسؤال، فقال: " فَاسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>