للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرابلس وغيرها، فاستعمل عليها يوسف عماله، وعظم أمره، وأمن ناحية العزيز، واستبد بالملك، وكان يظهر الطاعة مجاملةً لا طائل تحتها.

وخطب للعزيز بمكة بعد أن أرسل إليها جيشا فحصرها، وضيقوا على أهلها ومنعوهم الميرة، فغلت الأسعار بها، ولقى أهلها شدةً شديدة.

وأما أخبار الشام: فإن أفتكين لم يزل طول مقامه بدمشق يكاتب القرامطة ويكاتبونه بأنهم سائرون إلى الشام، إلى أن وافوا دمشق بعد موت المعز في هذه السنة، وكان الذي وافى منهم: إسحاق، وكسرى، وجعفر، فنزلوا على ظاهر دمشق، ومعهم كثير من العجم أصحاب أفتكين الذين تشتتوا في البلاد وقت وقعته مع الديلم، لقوهم بالكوفة في الموقعات، فأركبوهم الإبل، وساروا بهم إلى دمشق، فكساهم أفتكين وأركبهم الجبل؛ فقوى عسكره بهم وتلقى أفتكين القرامطة وحمل إليهم وأكرمهم وفرح بهم، وأمن من الخوف؛ فأقاموا على دمشق أياما ثم ساروا إلى الرملة وبها أبو محمود إبراهيم بن جعفر فالتجأ إلى يافا، ونزل القرامطة الرملة، ونصبوا القتال على يافا حتى مل كل من الفريقين القتال، وصار يحدث بعضهم بعضاً.

وجبى القرامطة المال فأمن أفتكين من مصر، وظن أن القرامطة قد كفوه ذلك الوجه، وعمل على أخذ الساحل، فسار بمن اجتمع إليه، ونزل على صيدا، وبها ابن الشيخ، ورؤساء المغاربة، ومعهم ظالم بن موهوب العقيلي، فقاتلوه قتالا شديداً، فانهزم عنهم أميالا،

<<  <  ج: ص:  >  >>