وأنا أذكر معنى ما قاله مع البراءة من عهدة طعنه في نسبه، وما عداه فقد أحسن فيما ذكر، قال:
لما بعث الله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظم ذلك على اليهود والنصارى والروم والفرس وسائر العرب، لأنه سفه أحلامهم، وعاب أديانهم، فاجتمعوا يداً واحدة عليه، فكفاه الله كيدهم، وأسلم منهم من هداه الله، فلما قبض صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نجم النفاق، وارتدت العرب، وظنوا أن أصحابه يضعفون بعده، فجاهد أبو بكر رضي الله عنه في سبيل الله، فقتل مسيلمة وأهل الرده، ووطأ جزيرة العرب، وغزا فارس والروم، فلما حضرته الوفاة ظنوا أن بوفاته ينتقض الإسلام، فاستخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأذل فارس والروم، وغلب على ممالكهما، فدس عليه المنافقون أبا لؤلؤة فقتله، ظنا منهم أن بقتله ينطفىء نور الإسلام، فولى عثمان رضي الله عنه، فزاد في الفتوح، فلما قتل وولى علي رضي الله عنه قام بالأم أحسن قيام، فلما يئس أعداء الإسلام من استئصاله بالقوة أخذوا في وضع الأحاديث الكاذبة، وتشكيك ضعفة العقول في دينهم، بأمور قد ضبطها المحدثون، وأفسدوا الصحيح بالتأويل والطعن عليه.
وكان أول من فعل ذلك أبو الخطاب محمد بن أبي زينب مولى بني أسيد، وأبو شاكر، ميمون بن ديصان، وغيرهما، فألقوا إلى كل من وثقوا به أن لكل شيء من العبادات باطنا، وأن الله لم يوجب على أوليائه ومن عرف من الأئمة والأبواب صلاة ولا زكاة ولا غير ذلك، ولا حرم عليهم شيئا، وأباحوا لهم نكاح الأمهات والأخوات، وقالوا: هذه قيود للعامة، وهي ساقطة عن الخاصة، وكانوا يظهرون التشيع لآل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليستروا أمرهم، ويستميلوا العامة.