وفيه سير جماعة من المجردين في المراكب الحربية لحفظ حصون الشام إلى تنيس ودمياط، ومضوا إلى صور وطرابلس وغيرها. وجردت طائفة إلى بلبيس لحفظها.
شهر شعبان؛ أوله الأربعاء. فيه قدم أحد إخوة حسان بن جراح، فتلقى وأكرم وأنزل في دار حسين بن جوهر، وحمل إليه الفرش والآلات الفضة، ونحو ذلك مما يصلح لمثله، وأقيمت له الجراية. وضمن أنه يخرج من العسكر إلى الرملة، فخلع عليه، وحمل على فرسين، وقلد بسيف ومنطقه ذهب.
وفي خامسه جلس الظاهر في قصره للسلام، ودخل الناس. فقال الكتاميون: يا مولانا، صلوات الله عليك، بلغنا شغل قلب مولانا بأمر ابن جراح، ومن هذا الكلب حتى يشغل قلب مولانا، صلوات الله عليه، به وما مقداره؟! والله يا مولانا إن لك من العبيد ما لو أطلق مولانا سبيلهم عليه لقلعوه شعرة شعرة، من عبيدك الكتاميين، وعبيدك القيصرية، والعبيد والباطلية والأتراك، وسائر العرائف والقبائل. غير أننا قد هلكنا والله يا مولانا فقرا وجوعا، وليس لواحد منا مال يرجع إليه؛ ولو كانت لنا أموال لكفينا هذا الأمر وغيره. فقال لهم: نسيم صاحب الستر: حسبكم يا شيوخ، حسبكم! فأمسكوا، ولم يكن من الظاهر جواب.
وفيه ورد الخبر بأن حسان بن جراح كتب إلى صالح بن مرداس يستدنيه ليقع الاجتماع على ما يدبران أمرهما، فسار صالح ونزل على حلب ونازلها وأخذها، كما تقدم، وأخذ بعلبك، وعظم أمره. واجتمع هو وصمصام الدولة سنان بن عليان بن البنا على حسان بفلسطين، وتحالفوا على اجتماع الكلمة وأن يكونوا يداً واحدة على صاحب مصر؛ وقسموا البلاد بينهم؛ فصار لحسان الرملة إلى باب مصر، ولمحمود أخيه طبرية وما يتصل بها