للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعشرين وأربعمائة، وعمره إحدى وثلاثون سنة وأحد عشر شهرا وخمسة أيام. ومدة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وخمسة أيام، كانت فيها قصص وأنباء.

ذلك أنه لمّا فقد الحاكم استدعت السيدة ست الملك سيف الدولة حسين بن على بن دوّاس الكتامى إلى حيث كانت جالسة وقالت له: المعول فى قيام هذه الدّعوة عليك، وهذا الصبى ولدك، وينبغى أن تتولى الخدمة إلى غاية وسعك وتبذل فيها كل ما عندك. فقبّل الأرض وشكر ودعا، ووعد بالإخلاص فى الطاعة، وبلوغ ما فى القدرة والاستطاعة.

فأخرجت علىّ بن الحاكم بأمر الله ولقبته الظاهر لإعزاز دين الله؛ وألبسته تاج المعز جد أبيه، وهو تاج مرصع بالجواهر الفاخرة، وجعلت على رأسه مظلة مرصعة. وأركبته فرسا رائعا بمركب ذهب مرصع، وأخرجت بين يديه الأمير الوزير رئيس الرؤساء خطير الملك أبا الحسن عمار بن محمد ونسيما صاحب السيف، فى عدّة من الأستاذين (١) تخدم.

فلما برز وشوهد تقدم الوزير وصاح: يا عبيد الدولة، مولاتنا تقول لكم هذا مولاكم أمير المؤمنين فسلموا عليه، فقبل ابن دوّاس الأرض ومرّغ خدّيه بين يديه، وفعل ما يتلوه من سائر طبقات العسكر مثل ذلك؛ وضربت البوقات والطبول، وعلا الصياح بالتكبير والتهليل، والظاهر يسلم على الناس يمينا وشمالا. وفتحت أبواب القصر، وأدخل الناس على العموم حتى سلّموا ومدحوا؛ ولم يزل واقفا لهم إلى الظهر. ثم صرفوا وجمعوا من غد وأخذت البيعة عليهم، ووضع العطاء، وأطلق مال الفضل للجند كافة؛ ولم يجر خلاف من أحد، إلا أنّ غلاما تركيا كان يحمل الرمح بين يدى الحاكم قال لا أبايع حتى أعرف خبر مولاى؛ فأخذ وسحب على وجهه وغرق فى النيل؛ وقامت الهيبة.


(١) الأستاذون: الخدام والطواشية، ومنهم أرباب الوظائف المختصون بشئون الخليفة واحتياجاته، وأعظمهم مكانة الأستاذون المحنكون الذين يديرون عمائهم على أحناكهم، وهم أقرب الخدام إلى الخليفة، ومنهم من يحمل رسائل الخليفة إلى الوزير، ومن يشرف على إعداد مجلسه … الخ .. صبح الأعشى: ٤٧٧:٣.