للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا خالقهم. وخاف الناس من النهب، فعاد التجار إلى ما ابتاعوه من المخرج من القصر يحرقونه بالنار ليخلص لهم ما فيه من الذهب والفضة. فحرقوا من الثياب المنسوجة بالذهب والأمتعة من الستور والكلل والفرش، والمظال والبنود والعماريات، والمنجوقات والأجلة ومن السروج الذهب والفضة والآلات المجراة بالميناء والمرصعة بالجوهر، شيء لا يمكن وصفه، مما عمل في دول الإسلام وغيرها.

وفي سادس صفر وهب لسعد الدولة، المعروف بسلام عليك، ما في خزانة البنود من الآلات والأمتعة وغيرها، فوجد فيها ألفا وتسعمائة درقة لمطية، سوى ما كان فيها من آلات الحرب والقضب الفضة والذهب والبنود، فسقطت شرارة فيما هنالك فاحترق جميعه؛ وكانت لذلك غلبة وخوف شدائد. فمما احترق فيها عشرات ألوف من السيوف إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة، بحيث إن السلطان بعد ذلك بمدة احتاج إلى سلاح، فأخرج من خزانة واحدة مما بقى وسلم من الحريق خمسة عشر ألف سيف مجوهرة سوى غيرها. وأخرج من القصر صندوق كيل منه سبعة أمداد زمرد، ذكر الجوهري أن قيمتها على الأقل ثلثمائة ألف دينار. وكان في المجلس فخر العرب ابن حمدان وابن سنان وأبو محمد الحسن بن علي بن أسد بن أبي كدينة، وغيرهم من المخالفين؛ فقال بعضهم لمن أحضر من الجوهريين: كم قيمة هذا؟ فقالوا إنما تعرف قيمة الشيء إذا كان مثله موجوداً، ومثل هذا لا قيمة له. فاغتاظ؛ وقال ابن أبي كدينة: فخر العرب كثير المؤونة وعليه خرج؛ والتفت إلى كتاب الجيش، فقالوا: يحسب عليه بخمسمائة دينار؛ فكتب بذلك وقبضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>