للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نزل من قلعة حلب وسلّمها إلى مكين الدولة الحسن بن على بن ملهم والى الخليفة المستنصر. وسار من حلب يريد مصر للقاء الحضرة؛ فلما بلغ رفح اتصل به خبر القبض على اليازورىّ، فقال والله إنى أموت بحسرة ونظرة إلى من استلبنى من ذلك الملك، وأخرجنى بلا رغبة ولا رهبة إلاّ بحسن السّياسة، وإن رام ذلك منى فليس يتعذر عليه.

ورجع ثمال إلى حلب، فاتفق فى غيبته قيام أهل حلب وتسليم البلد إلى عز الدولة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، فى مستهلّ جمادى الآخرة من هذه السّنة، فحضر ابن ملهم بالقلعة إلى أن سار إليه ناصر الدولة بن حمدان، فكانت بينهما حروب كبيرة على قنسرين (١) آلت إلى أن انكسر ناصر الدّولة كسرة عنيفة، فأصابته ضربة شلّت منها يده؛ ورجع منهزما فى مستهل شعبان. فقال عبد العزيز العكيك الحلبى وقد مدح ناصر الدولة فلم يجزه.

ولئن غلطت بأن مدحتك، طالبا … جدواك، مع علمى بأنّك باخل

فالدّولة الزهراء قد غلطت، بأن … نعتتك ناصرها، وأنت الخاذل

إن تمّ أمرك مع يد لك أصبحت … شلاّء فالأمثال عندى باطل (٢)

وأما ابن ملهم فإنه بعث إلى أسد الدولة أبى ذؤابة عطيّة بن صالح فسلمه حلب، ودخلها فى عاشر شعبان هذا، وأقام بها يومه ثم خرج عجزا عنها؛ فوصل محمود فى ثانى عشره وملكها.


(١) مدينة بالشام، وكورة، بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص، وكانت تعد من العواصم. معجم البلدان ١٦٨:٧ - ١٧٠.
(٢) فى الأصل:
إن تم أمرك مع يديك أصبحت … شلاء فالأمثال عندى باطل
ودو غير مستقيم وزنا ومعنى، وقد أمدنى الدكتور صلاح الدين الهادى، مشكورا، بالقراءة المثبتة بالمتن، نقلا عن تاريخ ابن ميسر: ١٢:٢، إذ عثر عليه فى أثناء إعداده لرسالة الدكتوراة بكلية دار العلوم.