للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آبائه وبيعها، فأخذ يخرج ذلك شيئا بعد شيء، وهم يأخذونها لأنفسهم بأيديهم ويثمّنونها بأقلّ القم وأبخس الأثمان.

وسار ابن حمدان بجماعة الأتراك إلى الصعيد يريد محاربة العبيد، وكان قد كثر شرهم وتزايد ضررهم، وعم الكافّة أذاهم وإفسادهم؛ فاجتمعوا لحربه واستعدوا للغاية. فسار إليهم فى شهر رمضان وقد بلغت النفقة عليه وعلى من معه ألف ألف دينار؛ وكانت بينهما حروب عظيمة ووقائع عديدة انجلت عن كسرة الأتراك وهزيمتهم إلى الجيزة. فتلاقى بعضهم ببعض وصاروا يدا واحدة على المستنصر، وألّبوا عليه، واتهموه بأنه بعث إلى العبيد بالأموال فى السّرّ ليقوّيهم على محاربة الأتراك، وجهروا له بالسّوء من القول.

فقال لهم إنه لم يبعث إليهم بشئ ولا أمدّهم بمعونة. وأخذ الأتراك فى لم شعثهم والتأهّب لمحاربة العبيد، حتى تهيأ أمرهم بعد أن أنفق المستنصر فيهم عوضا عمّا نهب السّودان لهم وضاع من أموالهم ألف ألف دينار. وساروا إلى قتالهم مرّة ثانية، فالتقوا بهم وصابروهم القتال ووالوا عليهم الكرّات حتى انهزم العبيد منهم، وقتل كثير من أعدادهم، بحيث لم ينج منهم إلاّ القليل، وزالت حينئذ دولتهم.

وعظم أمر ناصر الدولة واستبدّ بالأمور، فصرف ابن أبى كدينة من الوزارة وأعاد المليجى فلم يبق غير خمسة وصرف: وأعيد ابن أبى كدينة، وجمع له بين الوزارة والقضاء معا فى ربيع الأوّل، فأقام فيهما إلى جمادى الأولى؛ وصرف عن القضاء بجلال الملك، فأقيم فى منصب القضاء إلى سلخ رمضان، فصرف عن القضاء بالمليجى. فأقام المليجى قاضيا إلى يوم عيد النّحر، وصرف، وتولى ابن أبى كدينة.