للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حين غفلة من ليلة من رجب (١)، ووافوا داره بمصر سحرا، وكان يسكن فى منازل العز، (٢) فهجموا عليه من غير دستوره ولا طلب إذن، فإذا هو فى صحن داره وعليه رداء، فبادره أحدهم بسيفه وأتبعه إلدكز فحزّ رأسه. وخرج كوكب الدولة مسرعا إلى فخر الدولة أخيه فى عدّة، فطرقه وهو آمن (٣) وقتله واحتمل رأسه، وأخذ سيفه وجارية من جواريه.

وامتدّت الأيدى إلى من بقى منهم، فقتل أخوهما تاج المعالى وجماعة من بنى حمدان؛ وتتبعوا أسبابهم وحواشيهم حتى لم يبق منهم أحد بديار مصر، وأصبحوا لا ترى إلاّ مساكنهم (٤) وما أصدق قول أبى على الفكيك إذ يقول هجاء لناصر الدولة هذا:

ولئن غلطت بأن مدحتك، غالبا … جدواك، مع علمى بأنك باخل

فالدولة الغراء قد غلطت بأن … سمّتك ناصرها وأنت الخاذل

وقتل فى هذه النّوبة الوزير أبو غالب عبد الطاهر بن فضل بن الموفّق فى الدّين، ابن العجمى.

وفيها قطعت خطبة المستنصر من بيت المقدس.


(١) بياض بالأصل يتسع لنحو كلمة، ولم أتمكن من تحديد هذا التاريخ رغم الاستعانة بمراجع عدة.
(٢) دار بنتها السيدة أم العزيز بالله، على النيل لا يحجبها عنه شيء، وكان الخلفاء الفاطميون يتخذونها متنزها لهم. وقد سكنها ناصر الدولة بن حمدان - كما يتبين من المتن - وعند ما قدمت أسرة صلاح الدين الأيوبى مصر، سكنها تقى الدين عمر، ابن عمه، ثم اشتراها من بيت المال وبناها مدرسة للشافعية. انظر الخطط: فى مواضع متفرقة؛ وكذلك كتاب الروضتين فى أخبار الدولتين لأبى شامة.
(٣) وكان فخر الدولة - فخر العرب - كثير الإحسان إلى كوكب الدولة هذا فأذن له وقال لعله قد دهمه أمر. الكامل: ٣٠:١٠ وفى الأصل: «فخرج مسرعا إلى فخر الدولة ولد أخيه … » وهو خطأ إذ أن فخر الدولة أخو ناصر الدولة. راجع ما سبق؛ والنجوم الزاهرة: ٥؛ نهاية الأرب للنويرى؛ الكامل: ٣٠:١٠.
(٤) فى النجوم الزاهرة تفصيل لكيفية اغتيال ابن حمدان جاء فيه أنه كان للأمير إلدكز غلام اسمه أبو منصور كمشتكين، وأنه وافق معه فى قتل ابن حمدان، وقد بدأ إلدكز بأن ضربه بسكين فى خاصرته، ثم ضربه كمشتكين فقطع رجليه، فصاح ابن حمدان: فعلتموها! فحزت رأسه. وقطع ابن حمدان قطعا وأنفذت كل قطعة إلى بلد معين. النجوم الزاهرة: ٢١:٥ - ٢٣.