للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمر الفرنج على دمياط أحداً وخمسين يوما، ثم رحلوا عنها في الحادي والعشرين، وقيل في الثالث والعشرين، من ربيع الآخر، خوفاً على بلادهم من نور الدين ولفناء وقع فيهم؛ وغرق من مراكبهم نحو الثلثمائة مركب. فأحرقوا ما ثقل عليهم حمله من المنجنيقات وغيرها.

وبلغت النفقة من صلاح الدين على هذه النوبة ألف ألف دينار مصرية. وكان يقول ما رأيت أكرم من العاضد؛ أرسل إلى مدة مقام الفرنج على دمياط ألف ألف دينار سوى الثياب وغيرها.

وورد كتاب نور الدين إلى العاضد يهنئه برحيل الفرنج عن دمياط، وكان صلاح الدين سير إليه يبشره برحيلهم، وسير إليه العاضد يستقيله من الأتراك خوفاً منهم ويطلب الاقتصار على الملك الناصر صلاح الدين، فتضمن كتابه مدح الأتراك والثناء عليهم.

وفيها أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يبعث إليه بأبيه نجم الدين أيوب ابن شاذي، فأرسله إليه في عسكر، وسار معه كثير من التجار ممن له هوىً في مصر وغرض في صلاح الدين. فخرج ابنه صلاح الدين إلى لقائه ومعه الخليفة العاضد إلى صحراء الإهليلج خارج باب الفتوح ولقيه هناك؛ ولم تجر العادة بخروج الخليفة إلى لقاء أحد؛ وذلك في رابع عشر شهر رجب. ولقبه العاضد بالملك الأوحد، وزينت القاهرة ومصر لقدومه فكان من الأيام المذكورة؛ وبالغ العاضد في احترامه والإقبال عليه. ونزل اللؤلؤة.

وكان سبب تجهيز الملك العادل نور الدين لنجم الدين أيوب كثرة ورود مكاتبة الخليفة المستنجد بالله العباسي عليه من بغداد يعاتبه على تأخير إقامة الخطبة العباسية بمصر، فوالي نور الدين كتابة الملاطفات إلى صلاح الدين يأمره بذلك، وهو يعتذر إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>