للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها فرّ الشريف (١) المحنّك من شاور ولحق بنور الدّين. وذلك أنّه كان بعثه ضرغام إلى نور الدّين فى صرف رأيه عن نجدة شاور فوجد نور الدّين مائلا معه لأمور، منها: أنّه تقرب إليه بذمّ مذهب الفاطميّين، ووعده ملك مصر، وعرض له الأموال الكثيرة؛ فبالغ الشريف فى الحطّ على شاور مع نور الدّين، فأنفذه إليه. فلمّا اجتمعا عتبه شاور على ما كان منه، وقال له: أنت تعلم أيّها الشّريف أن سبب قيامى على آل رزّيك إنّما كان لأجل ضرغام وإخوته من الأمراء واتّبعت غرضهم فيما نقموه على ابن الصّالح؛ ولمّا حصلت بالقاهرة رفعت من أقدارهم وزدت فى أرزاقهم، وبلّغتهم أمانيهم، فلم يكن لهم إلاّ إزالتى ثم قتلهم أولادى ونهب أموالى وتشتّت جماعتى، وما زال السّيف فى خاصّتى وغلمانى؛ فهل تعلم لى دينا إليهم؟ فقال له الشريف: أنت تعلم أيّها الأمير أن ابنك طيّا كان قد تعدّى طوره وتجاوز حدّه حتى تعاظم عليك ونفذ أمره دون أمرك؛ وأنّه بعد قتل رزيك بن الصالح أطلق لسانه فى الأمراء ومدّ يده إلى أموالهم ونسائهم، وبهتهم فى المجالس، وصاح عليهم فى المواكب حتى حقدوا عليه، وشكوه إليك فلم تشكهم؛ وعامل أصحابك وغلمانك النّاس بكلّ قبيح فمالت عنك قلوب الخاصّة والعامّة. فسكت عنه، وما زال فى نفسه منه حتى تمكّن من البلاد فأخذ يتطلّبه، ففرّ منه (٢).


(١) بياض يتسع لكلمة.
(٢) بهامش الأصل: بياض سطرين.