للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى يوم الأحد سادس جمادى الآخرة، وتوجّه فى يوم الثلاثاء منه إلى دير الجميزة (١)، فاندفع سائرا فى بلاد الصّعيد حتى بلغ شرونة (٢)، وعدّى منها إلى البرّ الغربى. وأدرك شاور ساقته فأوقع بهم، وعدّى بعساكره وجموع الفرنج. ونزل شيركوه بالجيزة فى يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة تجاه مدينة مصر وأقام بها بضعا وخمسين يوما. وبعث الشريف أبا عبد الله الملقّب بالرّضىّ، ابن الشريف المحنّك إلى الطّلحيّين والقرشيّين يستفزّهم ويدعوهم إليه، وكان قد بلغه أن شاورا أساء إليهم، فأتوه مسرعين.

وبعث إلى شاور بأنى أحلف لك أنّى لا أقيم ببلاد مصر ولا يؤذيك أحد من أصحابى، وأكون أنا وأنت على الفرنج وننتهز فيهم فرصة قد أمكنت وما أظنّ أن يتّفق للإسلام مثلها كثيرا. فأبى شاور من قبول ذلك. والتجأ شيركوه إلى دلجة (٣)، ونزل شاور فى اللّوق والمقس ظاهر القاهرة، وأنشأ الجسر بين الجيزة والجزيرة، وشحن المراكب والرّجال لتسير من خلف عسكر شيركوه.

وكتب شيركوه إلى الإسكندرية يستنجد بها على الفرنج وشاور، فقاموا معه وأمّروا عليهم رجلا يعرف بنجم الدّين بن مصال، من ولد الوزير؛ فكتبوا إليه أنهم يمدّونه بالسّلاح والحديد، وجهّزوا إليه خزانة من السّلاح مع ابن أخت الفقيه ابن عوف. فأتاه الخبر بقرب شاور فلم يثبت، وترك خيامه وأثقاله، وسار سيرا حثيثا ونزل قدر ما أطعم دوابّه، ورحل من اللّيل فسار غير بعيد، ثم نادى فى عسكره بالرّجوع، فعاد إلى دلجة.

وسار شاور والفرنج فى طلب شيركوه، فنزلوا الأشمونين وتبعوا شيركوه، فأمر شيركوه أصحابه بالتّعبئة. فما طلع ضوء الصّباح حتى أشرفت عساكر شاور وجموع الفرنج فى عدد كبير، فقدّم شاور طائفة فحملت على أصحاب شيركوه، وانهزم منها عز الدّين


(١) من أعمال الإطفيحية أيضا. قوانين الدواوين: ١٣٨.
(٢) يعرفها ياقوت بأنها فى الصعيد الأدنى شرقى النيل؛ ويذكر ابن مماتى أنها من أعمال كورة البهنسا؛ ويقول على مبارك [إنها من محافظة المنيا وتتبع مركز بنى مزار، وتبعد شمالا عن الجرابيع بنحو خمسة كيلومترات. معجم البلدان: ٢٥٩:٥؛ قوانين الدواوين: ١٥٨؛ الخطط التوفيقية: ١٢٩:١٢.
(٣) من أعمال الأشمونين: قوانين الدواوين: ١٤٠؛ معجم البلدان: ٦٧:٤.