للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني هاشم على غيرهم من العشائر القرشية، وقدم قريشا على غيرها من القبائل العربية، وقد أصبح هذا التسلسل في ترتيب العشائر أساسا اتبعته كتب النسب التي كتبت في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري فما بعد، ويمكن أن نعد ديوان الجند أول تقييد شامل للأنساب، وكانت الحاجات العملية هي التي أدت إلى ظهوره.

وذكر عبد العزيز الدوري: أنه كان لدى القبائل العربية كتب وسجلات حفظت فيها أنسابها وأخبارها وأشعارها وذلك خلال القرن الأول للهجرة (١).

ولقد أعطت السابقة إلى الإسلام والمشاركة في الغزوات الأولى مع النبي صلّى الله عليه وسلّم أصحابها مكانة مرموقة بين المسلمين، وهذا ما حدث للمهاجرين الأولين وأهل بدر وأحد وأهل العقبة من الأنصار، وقد امتدت تلك الآثار إلى أبنائهم وأحفادهم، فاهتم هؤلاء بحفظ‍ أنسابهم والتعريف بها لما في ذلك من قيمة اجتماعية.

وقد ظل التماسك القبلي قويا عندما استقر العرب في الأمصار المفتوحة فكانت خطط‍ الأمصار التوطينية كالكوفة والبصرة، قائمة على أساس قبلي حيث سكنت كل عشيرة في موضع خاص بها، فكانت القبيلة تمثل الوحدة العسكرية في ميادين القتال كما كانت أساسا للتنظيم الاجتماعي والإداري في الأمصار.

ومما تقدم نجد أن معرفة الأنساب ضرورة دينية وأخلاقية واجتماعية وعسكرية وإدارية، فاستمر الاهتمام بها حتى برز في ظل الدولة الإسلامية عدد من كبار النسابين الذين كانوا يعتمدون على ذاكرتهم قبل تدوين الأنساب، منهم من جيل الصحابة رضي الله عنهم:


(١) كتب الأنساب وتاريخ الجزيرة العربية، (مجلة دراسات تاريخ الجزيرة العربية، الجزء الأول ص ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>