للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورؤي على أبي الدّرداء أبرد وثوب أبيض، ورؤي على غلامه برد أبيض، فقيل له: يا أبا الدّرداء! لو أخذت هذا البرد، وأعطيت غلامك الثوب الأبيض، أو أخذت هذا الثوب الأبيض، وأعطيت غلامك البرد، فكانا ثوبين متفقين، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكسوهم ممّا تلبسون، وأطعموهم ممّا تأكلون» (١).

وعنه قال: أحب الفقر تواضعا لربي، وأحب الموت اشتياقا إلى ربي، وأحب المرض تكفيرا لخطيئتي.

وعنه قال: ثلاث يبغضهن الناس، وأنا أحبهن؛ الموت، والفقر، والمرض.

وعنه قيل له: ما تحب؟. قال: الموت، قيل: فإن لم تمت؟. قال: مالي وولدى.

وعنه: لولا ثلاث، لم أبال متى مت؛ لولا أن أظمأ بالهواجر، ولولا أن أعفر وجهي بالتراب، ولولا أن آمر بمعروف وأنهى عن منكر.

ومرض أبو الدّرداء، ففزع إلى نفقة كانت عنده فوجدها خمسة عشر درهما، فقال: ما كانت هذه مبقية منى شيئا إن كانت لمحرقة ما بين عانتي إلى ذقني (٢).

وروي: أنه اشتكى، فدخل عليه أصحابه فقالوا له: يا أبا الدّرداء ما تشتكي؟.

قال: اشتكى ذنوبي، قالوا: فما تشتهي؟. قال: اشتهي الجنة، قالوا: أفلا ندعوا لك طبيبا؟، قال: هو الذي اضجعني.

ولما حضره الموت، جاءه حبيب بن مسلمة، فقال: كيف تجدك يا أبا الدّرداء؟، قال: أجدني ثقيلا، قال: ما أراه إلا الموت، قال: أجل جزاك الله خيرا.

وتوفي أبو الدّرداء، بدمشق، سنة اثنتين* [٨٢/أ] *وثلاثين، في خلافة عثمان بن عفان (٣).

وقبره في مقبرة الشهداء يزار.

وله عقب بالشام.


(١) الأدب المفرد، ك/الخدم والمماليك، ب/أكسوهم مما تلبسون، (ر/١٨٧).
(٢) مختصر تاريخ دمشق (ج ٢٠ ص ٢٥).
(٣) تاريخ ابن زبر (ص ٤٨)، وتاريخ الإسلام عهد الراشدين (ص ٤٠٤)، وفي: طبقات خليفة (ص ٩٥)، قال: (مات سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين).

<<  <  ج: ص:  >  >>