للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظنت قريش* [٨/أ] *أنهما: سعد بن زيدمناة بن غنم، وسعد هذيم من قضاعة، فلما كانت الليلة الثانية، سمعوا صوتا على أبي قبيس:

-أيا سعد الأوس كن أنت ناصرا … ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

-أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا … على الله في الفردوس منية عارف

-فإن ثواب الله للطالب الهدى … جنان من الفردوس ذات رفارف

فقالوا: هذان والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة.

قال النمري (١): وإليهما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق يشاورهما فيما أراد أن يعطيه عيينة بن حصن الفزاري، من ثمر المدينة، وذلك أنه أراد أن يعطيه ثلث ثمر المدينة لينصرف بمن معه من غطفان ويخذل الأحزاب، فأبى عيينة إلا أن يأخذ نصف الثمر، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة دون سائر الأنصار، لأنهما كانا سيدي قومهما؛ كان سعد بن معاذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة سيد الخزرج، فشاورهما في ذلك، فقالا: يا رسول الله إن كنت أمرت بشيء فافعل وامض، وإن كان غير ذلك فو الله لا نعطيهم إلا السيف، فقال صلى الله عليه وسلم: «لم أؤمر بشيء، لو أمرت بشيء ما شاورتكما، وإنّما هو رأي أعرضه عليكما»؟. فقالا: والله يا رسول الله ما طمعوا بذلك منا قط‍ في الجاهلية، وما ينال منها تمرة إلا بقرى أو شرى، فكيف اليوم وقد هدانا الله وأكرمنا بك، والله لا نعطيهم إلا السيف. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهما، وقال لعيينة ومن معه: «ارجعوا فليس بيننا وبينكم إلا السيف»، ورفع بها صوته!.

وكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بيد سعد بن عبادة، فلما بلغه قوله: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة، أخذه من يده وجعله بيد ابنه قيس، وقيل دفعت إلى الزبير، وقيل: إلى علي، فذهب بها حتى دخل مكة فغرزها عند الركن (٢).

قال محمّد بن عمر: وكان سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وأبو دجانة، * [٨/ب] *لما أسلموا يكسرون أصنام بني ساعدة، وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار، في روايتهم جميعا، وكان أحد النقباء الإثني عشر، وكان سيدا جوادا، ولم


(١) الاستيعاب (ج ٢ ص ٣٤ - ٣٥).
(٢) الاستيعاب (ج ٢ ص ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>