للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سعد: يا رسول الله إنها ماتت ولم توص، فهل ينفعها أن أتصدق عنها؟، قال: «نعم»، قال: فأي الصدقة أحب إليك أو قال: أعجب إليك؟، قال: «إسق الماء».

وسأل رجل الحسن فقال: أأشرب من ماء هذه السقاية التي في المسجد، فإنها صدقة؟، فقال الحسن: قد شرب أبو بكر، وعمر، من سقاية أم سعد فمه.

وروى* [٩/أ] *ابن عباس عن عمر بن الخطاب: أن الأنصار حين توفى الله نبيه اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة! (١)، ومعهم سعد بن عبادة، فتشاوروا للبيعة له!، وبلغ الخبر أبا بكر، وعمر!، فخرجا حتى أتياهم ومعهم أناس من المهاجرين، فجرى بينهم وبين الأنصار كلام ومحاور، في بيعة سعد بن عبادة، فقام خطيب الأنصار فقال:

أنا جذيلها المحكك (٢)، وعذيقها المرجب (٣)؛ منا أمير ومنكم أمير يا معشر (قريش) (٤) فكثر اللغط‍!، وارتفعت الأصوات، فقال عمر: فقلت لأبي بكر: أبسط‍ يدك!، فبسط‍ يده، فبايعته!، وبايعه المهاجرون، وبايعه الأنصار، ونزونا على سعد، وكان مزملا بين ظهرانيهم، فقلت: ما له؟، فقالوا: وجع، قال قائل منهم: قتلتم سعدا!، فقلت: قتل الله سعدا؛ إنا والله ما وجدنا مما حضرنا من أمرنا أقوى من مبايعة أبي بكر؛ خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا بعدنا، فإما أن نتابعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فساد.

وعن الزبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعديّ: أن أبا بكر بعث إلى سعد بن عبادة، أن أقبل فبايع، فقد بايع الناس، وبايع قومك؟، فقال: لا والله لا أبايع، حتى أراميكم بما في كنانتي، وأقاتلكم بمن معي من قومي وعشيرتي، فلما جاء الخبر إلى أبي بكر؛ قال بشير بن سعد: يا خليفة رسول الله إنه قد أبى ولجّ، وليس بمبايعكم أو يقتل، ولن يقتل؛ حتى يقتل معه ولده وعشيرته، ولن يقتلوا؛ حتى يقتل الخزرج، ولن


(١) سقيفة بني ساعدة: بالمدينة، وهي ظلة كانوا يجلسون تحتها عند بئر بضاعة، وذكر ابن شبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بني ساعدة وجلس في سقيفتهم القصوى، انظر: تاريخ المدينة (ج ١ ص ٧٢)، ومعجم البلدان (ج ٣ ص ٢٥٩).
(٢) جذيلها المحكك: هو العود الذي ينضب للإبل الجربي لتحتك به، وهو تصغير تعظيم: أي أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفى الإبل الجربي بالاحتكاك هذا العود. النهاية لابن الأثير الجزري (ج ٢ ص ١٩٧).
(٣) عذيقها المرجب: العذق: تصغير النخلة، وهو تصغير تعظيم. النهاية لابن الأثير (ج ٣ ص ١٩٩)، والمرجب: الرّجبة هو أن تعمد النخلة الكريمة ببناء أو حجارة أو خشب إذا خيف عليها لطولها وكثرة حملها أن تقع، وقد يكون ترجيبها بأن يجعل حولها شوك لئلا يرقى إليها. النهاية لابن الأثير (ج ٢ ص ١٩٧).
(٤) ما بين () القوسين كتب (الأنصار) ولا يناسب السياق وأصلحته، وانظر: طبقات ابن سعد (ج ٣ ص ٦١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>