أصنامهم، وكان عمرو بن الجموح منهم، وكان من أشرافهم، وكان له صنم يقال له:
مناف، يعظمه ويطهره، وكانت بنو سلمة تذبح ذبائحها على صنم عمرو، لشرف عمرو فيهم، وكان فتيان من بني سلمة قد أسلموا، منهم: معاذ بن جبل، وعبد الله بن أنيس، وقطبة بن عامر بن حديدة، وثعلبة بن عنمة، وكانوا يمهلون حتى إذا ذهب الليل دخلوا بيت صنم عمرو بن الجموح، فيخرجونه فيطرحونه في أنتن حفر بني سلمة، وينكسونه على رأسه، فإذا أصبح عمرو، فرآه، غمه ذلك، فيأخذه ويغسله ويطهره ويطيبه، ثم يعودون لمثل فعلهم، فلما كثر ذلك على عمرو، وجده يوما منكسا في بئر مقرونا بكلب، فأبصر شأنه وما هو فيه، وأتاه قطبة بن عامر بن حديدة، فقال:
مثلك وأنت سيدنا وشريفنا يصنع ما تصنع، تظن أن هذه الخشبة تعقل شيئا، أو تمتنع من شيء، أيها الرجل!، إنه لا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله، ولقيه عبد الله بن عمرو بن حرام، فقال: أيها الشيخ!، أما آن لك أن تبصر ما ترى، وما اتباعك خشبة أنت عملتها بيديك، تعلمن أني أذكرك الله في نفسك أن تموت على ما مات عليه قومك، قال: فما رام أبو جابر مكانه حتى أسلم، فكان عمرو بن الجموح بركة على قومه، ما يغادر واحدا من بني سلمة إلا أسلم، ثم أنشأ يقول يشكر الله الذي هداه فيما كان فيه من العمى والضلالة، حين عرف من الله ما عرف وأبصر من شأنه: