اللتين ليس عليهما شيء ملبوس يمسح عليه أن يغسلا، وحكمهما إذا كان عليهما شيء ملبوس أن يمسح على ذلك الشيء.
بهذا جاءت السنة {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[مريم: ٦٤]، وقد علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أمر بالمسح على الخفين وما يلبس في الرجلين، ومُسِحَ على الجوربين - أن من الخفاف والجوارب وغير ذلك مما يلبس على الرجلين المخرق خرقًا فاحشًا أو غير فاحش، وغير المخرق، والأحمر والأسود والأبيض، والجديد والبالي، فما خصَّ عليه السلام بعض ذلك دون بعض، ولو كان حكم ذلك في الدين يختلف لما أغفله الله تعالى أن يوحي به، ولا أهمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفترض عليه البيان -حاشا له من ذلك- فصحَّ أن حكم ذلك المسح على كل حال، والمسح لا يقتضي الإستيعاب في اللغة التي بها خوطبنا".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اختياراته" (ص ١٣): "ويجوز المسح على اللفائف في أحد الوجهين، حكاه ابن تميم وغيره، وعلى الخف المخرق ما دام اسمه باقيًا، والمشي فيه ممكنًا، وهو قديم قولي الشافعي واختيار أبي البركات وغيره من العلماء".
قلت: ونسبه الرافعي في "شرح الوجيز" (٢/ ٣٧٠) للأكثرية واحتج له بأن القول بامتناع المسح يضيق باب الرخصة، فوجب أن يمسح. ولقد أصاب -رَحِمَهُ اللهُ-" اهـ.
* * *
١١٣ - قال أسلم بن يزيد التُّجيبي أبو عمران:"غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والرومُ مُلْصِقُو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجلٌ منا على العدُوّ، فقال الناس: مَهْ مَهْ! لا اله الا الله! يلقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب الأنصاري: "إنما تأوّلونَ هده الآية هكذا؛ أن حَمَلَ رجلٌ يقاتلُ يلتمسُ الشهادة، أو يُبْلي من نفسه! إنما نزلت هذه الآيةُ فينا معشر الأنصار-، لمَّا نَصَر اللهُ نَبيَّهُ وأظهر الإسلام؛ قلنا بيننا خفيًّا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هَلُمَّ نقيمٌ في أموالنا وَنُصْلِحُها، فأنزل الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي