للشرع، ومشاقّ له، لأن الشارع قد عيّن لمطالب العبد طرقًا خاصة على وجوه خاصة، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، وأن الشرَّ في تعدّيها إلى غيرها؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم، وأنه إنما أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، فالمبتدع رادٌّ لهذا كله؛ فإنه يزعم أن ثمَّ طرقًا أُخر، وليس ما حصره الشارع بمحصور، ولا ما عينه بمتعيّن، وأن الشارع يعلم ونحن أيضًا نعلم، بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع أنه علم ما لم يعلمه الشارع! وهذا إن كان مقصودًا للمبتدع فهو كفر بالشريعة والشارع، وإن كان غير مقصود فهو ضلال مبين! اهـ.
* * *
٣١ - عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، قال:"قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصّل؛ وقد سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بطولى الطولين"؟
قال: قلت: وما طولى الطولين؟
قال:"الأعراف".
أخرجه البخاري (٧٦٤) وأبو داود (٨١٢) والنسائي (٢/ ١٧٠).
فقه الأثر:
هذا الأثر مما تكلّم الحفاظ في إسناده لاختلاف رواته فيه؛ كما تراه مفصّلًا في شرح الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللهُ- على "صحيح البخاري"(٤/ ٤٢٦ - وما بعدها).
كما أن الشرّاح والفقهاء اختلفوا في فقهه؛ وأنا ألخص كلامهم بما يلي:
قال الحافظ ابن رجب:"ذهب أكثر العلماء إلى استحباب تقصير الصلاة في المغرب. روى مالك في "الموطأ" بإسناده عن الصّنابحي، أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق، فصلى وراء أبى بكر الصدّيق المغربَ، فقرأ أبو بكر في الركعتين الأوليَينِ بأم القرآن وسورة من قصار المفصل ...
وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري؛ أن يقرأ في صلاة المغرب بقصار المفضل ذكره الترمذي تعليقًا، وخرجه وكيع.