العليم؛ بتركيبه الأدوية من عند نفسه، فربما صار دواؤه داءً، وعبادته معصية، وهو لا يشعر؛ لأن الدين قد كمل تمام الكمال، فمن زاد شيئًا فيه نقد ظنّ الدين ناقصًا، وهو يكمله باستحسان عقله الفاسد، وخياله الكاسد".
وقال الإمام الشوكاني -رَحِمَهُ اللهُ-: "فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟! إن كان من الدين في اعتقادهم، فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم؛ وهذا فيه ردٌّ للقرآن.
وإن لم يكن من الدين؛ فأي فائدة في الإشتغال بما ليس من الدين؟!
وهذه حجة قاهرة، ودليل عظيم، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبدًا، فاجعَل هذه الآية الشريفة أول ما تصل به وجوه أهل الرأي، وترغم به آنافهم، وتَدْحَضُ به حججهم" اهـ. نقلًا من كتاب "البدعة وأثرها السيّئ في الأمة" (ص ٢٧ - ٢٨) للشيخ الفاضل: سليم بن عيد الهلالي وفقه الله تعالى.
وفي مضمون الآية المذكورة؛ قال إمام دار الهجرة: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة، لأن الله يقول:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، فما لم يكن يومئذٍ دينًا لا يكون اليوم دينًا".
وسيأتي تخريج هذا الأثر وشرحه في هذه السلسلة إن شاء الله تعالى.
* * *
١٤ - قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "لا يزال الناس بخير ما أتاهم العِلْمُ من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن أكابرهم، فإذا جاء العلمُ من قِبَلِ أَصَاغِرِهِمْ هَلَكُوا".
أثر صحيح. أخرجه: عبد الله بن المبارك في "الزهد" (رقم: ٨١٥) وعبد الرزاق في "مصنفه" (١١/ ٢٤٩، ٢٥٧/ ٢٠٤٤٦، ٢٠٤٨٣) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ١٥٥/ ٧٧٦ - ط ابن الجوزي) وفي "نصيحة أهل الحديث" (رقم: ٦) والهروي في "ذم الكلام" (٥/ ٧٧/ ١٤١٢) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١/ ٦١٦، ١٠٥٧/ ٦١٧، ١٠٥٨، ١٠٦٠)