قال: فقلت له: يا أبا العباس؛ والله إنْ كُنَّا لنعدُّ هذا جفاءً ممَّن صنعه!
قال: فقال: "إنها سُنَّة". أخرجه البيهقي.
قلت: وإسناده حسن، صرَّح فيه ابن إسحاق أيضًا بالتحديث.
ثم روى بإسناد آخر صحيح عن أبي زهير معاوية بن خديج، قال:"رأيتُ طاوسًا يقعي، فقلتُ: رأيتُكَ تَقعي!
قال: ما رأيتني أقعي؛ ولكنها الصلاة، رأيتُ العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك- عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير - يفعلونه. قال أبو زهير: وقد رأيتُه يقعي".
فقه الأثر:
قلتُ -الألباني-: ففي الحديث وهذه الآثار دليل على شرعية الإقعاء المذكور، وأنه سُنَّة يتعبَّد بها، وليست للعذر كما زعم بعض المتعصّبة، وكيف يكون كذلك وهؤلاء العبادلة اتفقوا على الإتيان به في صلاتهم، وتبعهم طاوس التابعي الفقيه الجليل.
وقال الإمام أحمد في "مسائل المروزي"(١٩): "وأهل مكة يفعلون ذلك".
فكفى بها سلفًا لمن أراد أن يعمل بهذه السُّنَّة ويحييها.
ولا منافاة بينها وبين السُّنَّة الأخرى- وهي الافتراش-، بل كلٌّ سُنَّة، فيفعل تارة هذه وتارة هذه؛ اقتداءً به - صلى الله عليه وسلم -، وحتى لا يضيع عليه شيء من هَدْيهِ عليه الصلاة والسلام". انتهى كلام الألباني -رَحِمَهُ اللهُ-.
* * *
٣٧٧ - قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو الربيع، حدثنا حماد، عن عاصم، عن مصعب بن سعد، قال: "قلتُ لأبي: يا أبتاه، أرأيت قولَه: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)}؛ أينا لا يسهو؟! أينا لا يُحَدّثُ نفسَهُ؟!.
قال:"ليس ذاكَ؛ إنما هو إضاعةُ الوقت؛ يلهو حتى يضيعَ الوقتُ".