وفي كل ذلك اختلاف للعلماء، والراجح عند البخاري: جوازها للمتمتع. فإنه ذكر في الباب حديثي عائشة وابن عمر في جواز ذلك، ولم يورد غيره.
وقد روى ابن المنذر وغيره، عن الزبير بن العوام وأبي طلحة من الصحابة: الجواز مطلقًا.
وعن علي وعبد الله بن عمرو بن العاص: المنع مطلقًا، وهو المشهور عن الشافعي.
وعن ابن عمر، وعائشة، وعبيد بن عمير في آخرين: منعه إلا للمتمتع الذي لا يجد الهدي، وهو قول مالك والشافعي في القديم.
وعن الأوزاعي وغيره؛ يصومها أيضًا المحصر والقارن.
وحُجَّةُ من منع: حديث نبيشة الهذلي عند مسلم مرفوعًا: "أيامُ التشريقِ أيامُ
أكلِ وشُربٍ". وله من حديث كعب بن مالك:"أيام منًى أيام أكل وشرب".
ومنها: حديث عمرو بن العاص أنه قال لابنه عبد الله في أيام التشريق: "إنها الأيام التي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صومِهنَّ، وأمر بفطرهنَّ ". أخرجه أبو داود، وابن المنذر، وصحَّحه ابن خزيمة والحاكم" اهـ.
* * *
- النهي عن صيام الدَّهر:
٦٢٩ - قال ابن أبي شيبة: حدثنا وحيع، عن أبي خالد، عن أبي عمرو الشيباني، قال: بلغَ عمر أنَّ رجلًا يصومُ الدَّهْرَ، فَعَلَاهُ بالدُّرَّةِ، وجعل يقول: "كل يا دهر، كل يا دهر".
أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤/ ١٢٧ /رقم: ٩٦٤٣ - ط. الرشد).
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤/ ٢٩٨/ رقم: ٧٨٧١) عن ابن عيينة، عن هارون بن سعد، عن أبي عمرو الشيباني، قال: كنَّا عند عمر بن الخطاب، فأُتِيَ بطعامٍ له، فاعتزل رجل من القوم، فقال: "ما له "؟ قالوا: إنه صائم. قال: وما صومه؛ قال: الدهر. قال: فجعل يقرع رأسه بقناة معه، ويقول: "كُلْ يا دهر، كُلْ يا دهر".