٣٣٦١،- عن زيد بن أرقم، قال:"غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا ناسٌ من الأعراب، وكنَّا نَبْتَدِرُ الماءَ، وكان الأعرابُ يَسْبِقُونَا، فيسبقُ الأعرابيُّ أصحابَهُ؛ فيملأُ الحوضَ، ويجعلُ حولَهُ حجارةً، ويجعل عليه النَّطْعَ، حتى بجيءَ أصحابُه.
قال: فجاء رجلٌ من الأنصار؛ فأَزْخَى زِمَامَ ناقتِه لتشربَ، فأبى أن يدَعَهُ، فانتزَعَ حجرًا ففاضَ الماءُ.
قال: فرفعَ الأعرابيُّ خشبةً يضربُ بها رأسَ الأنصاريّ؛ فشَجَّهُ، فأتى عبدَ الله بن أُبيّ -رأسَ المنافقين- فأخبرَهُ -وكان من أصحابه-.
قال: فغضِبَ عبدُ اللهِ بن أُبيّ، وقال:{لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} -يعني: مَنْ حولَهُ مِنَ الأعراب- وكانوا يَحْضُرُونَ رسولَ الله يكونِ عند الطعام، فقال عبدُ اللهِ لأصحابه: إذا انفضُّوا من عند محمد؛ فأتوا محمدًا بالطعام، فَلْيَأْكُلْ هو ومن عنده.
ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فَلْيُخرِجَنَّ الأعزُّ منكم الأذَلَّ.
قال زيْدٌ: -وأنا رَدِيفُ عمي- فسمعتُ عبدَ الله -وكنَّا أخوالَهُ- فأخبرتُ عمي, فانطلق؛ فأخبر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل اليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَحلَفَ وجحَدَ.
قال: فصدَّقَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذَّبني، فجاء إليَّ عمي؛ فقال: ما أردتَ الَّا أَنْ مَقَتَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذَّبَكَ المسلمون!
قال: فوقع عليَّ من الهَمِّ ما لم يقَعْ على أحدٍ قطُّ.
قال: فبينا أنا أسِيرُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ؛ إِذ خَفَقَنِي رأسي من الهمِّ، إذ أتاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فعَرَكَ أُذني، وضحكَ في وجهي، فما كان يسرُّني أنَّ لى بها الخُلْدَ أو الدنيا، ثم إنَّ أبا بكر لحقني، فقال: "ما قال لك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -"؟