بل ولا يجوز إطلاق هذه الكلمة على من وقع في الكفر نفسه؛ فإن من وقع في الكفر أو الشرك؛ لم يقع الكفر والشرك عليه، كما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء المحققين.
وللتكفير شروط وموانع لتحققه في المعين - كما هو معلوم عند أهل العلم ممن وفقهم الله لإتباع السنة.
لكنَّ الزائغين المنحرفين لا يعبؤون بهذا التقرير، فيكفّرون المسلمين!
وإخراج المسلم من الإيمان لا يتأتى إلا بيقين، كما أن دخوله بالإسلام لا يتأتى إلا بيقين.
والكلام يطول في هذه المسألة، ولقد كتب العلماء قديماً وحديثاً في تأصيل هذه المسألة، وإنما جرَّنا للكلام فيها ما نراه من حال بعض الأفراد المتسرعين في إطلاق التكفير على المسلم، وهؤلاء المساكين لا يعلمون أن هذه السِّمة من سمات الخوارج! نعوذ بالله من الضلال بعد الهداية.
وإني أنصح إخواني أن يقرؤوا كتاب "الإيمان الأوسط" لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو ضمن المجلد السابع من "مجموع الفتاوى"، وقد طبع مفرداً؛ ففيه تقرير سني سلفي لهذه المسألة.
كما أنصحهم بالرجوع إلى كتاب "التحذير من فتنة التكفير" للشيخ الفاضل علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي الأثري -وفقه الله تعالى- وهو في الأصل تقريرات للعلامة المحدث السَّلفي السُّنّي الأثري محمد ناصر الدين الألباني، وعلّق عليه العالمان الإمامان السلفيان ابن باز وابن عثيمين -رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى-، وجزاهما ومن قبلهما عن الإسلام خيراً.
* * *
٢٨٤ - قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عمر، عن أبيه، قال: قال أناسٌ لابن عمر: إنا ندخُلُ على سلطاننا؛ فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم. قال:"كنا نعدُّها نفاقاً".
أخرجه البخاري (٧١٧٨) وحنبل في "جزئه"(ص ٦٢/ رقم: ١) وأبو نعيم