ورجَّح الطحاويُّ قولَ أبي حنيفة هذا على قوله المشهور، حيث قال في "شرح الآثار": قال أبو جعفر: والقول الأول أحبّ إلينا، لما قد شهده الآثار التي روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى.
وذهب الحنفية إلى أن الإمامَ يقوم بحذاء صدر الميت -رجلًا كان أو امرأة-
وهو قول أبي حنيفة المشهور.
وقال مالك: يقوم حذاء الرأس منهما، ونقل عنه: أن يقومَ عند وسط الرجل، وعند منكبي المرأة.
وقال بعضهم: حذاء رأس الرجل، وثدي المرأة، واستدلَّ بفعل علي - رضي الله عنه -.
وقال بعضهم: إنه يستقبل صدر المرأة، وبينه وبين السُّرَّة من الرجل.
وقال الشوكاني ["نيل الأوطار": ٤/ ٧٦] بعد ذكر هذه الأقوال: وقد عرفتَ أن الأدلة دلَّت على ما ذهب إليه الشافعي، وأن ما عداه لا مستند له من المرفوع إلا مجرد الخطأ في الإستدلال، أو التعويل على محضِ الرأي، أو ترجيح ما فعله الصحابي على ما فعله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإذا جاء نهرُ الله بطل نهر معقِلٍ ... " اهـ.
* * *
- إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء:
٤٤١ - قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي: أخبرنا محمد بن رافع، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جُريج، قال: سمعتُ نافعًا يزعمُ: "أن ابنَ عمر صلَّى على تسع جنائزَ جميعًا، فجعل الرجال يلونَ الإمام، والنساء يلينَ القبلةَ، فصفَّهُنَّ صَفًّا واحدًا، ووضعت جنازةُ أمِّ كلثوم بنتِ علي، امرأة عمر بن الخطاب، وابنِ لها يقال له: زيد = وُضِعَا جميعًا، والإمامُ يومئذٍ سعيد بن العاص، وفي الناسِ ابنُ عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قتادة، فوُضِعَ الغلامُ مما يلي الإمام، فقال رجلٌ: فأنكرتُ ذلك، فنظرتُ إلى ابنِ عباس، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأبي قتادة، فقلتُ: ما هذا؟ قالوا: هي السُّنَّة".