قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمة الله عليه- في "الجواب المفيد في حكم التصوير"(ص ١٩): "وأما قوله في حديث أبي طلحة، وسهل بن حنيف:(إلا رقمًا في ثوب)، فهذا استثناء من الصور المانعة من دخول الملائكة لا من التصوير، وذلك واضح من سياق الحديث، والمراد بذلك: إذا كان الرقمُ في ثوبٍ ونحوهِ يُبْسَطُ ويُمْتَهَنُ، ومثله الوسادة الممتهنة كما يدل عليها حديث عائشة المتقدم في قطعها الستر، وجعله وسادة أو وسادتين .. ".
ثم قال -رَحِمَهُ اللهُ- (ص ٢٣ - ٢٥): "ومن تأمل الأحاديث المتقدمة تبيَّنَ له دلالتها على تعميم التحريم، وعدم الفرق بين ما له ظل وغيره، كما تقدم توضيح ذلك.
فإن قيل: قد تقدم في حديث زيد بن خالد، عن أبي طلحة: أن بُسْرَ بنَ سعيد -الراوي عن زيد- قال: "ثم اشتكى زيدٌ، فعُدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة".
فظاهر هذا يدلُّ على أن زيدًا يرى جواز تعليق الستور التي فيها الصور.
فالجواب: أن أحاديث عائشة المتقدمة وما جاء في معناها دالة على تحريم تعليق الستور التي فيها الصور، وعلى وجوب هتكها، وعلى أنها تمنعُ دخولَ الملائكة.
وإذا صَحَّت الأحاديثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تجز معارضتها بقولِ أحدِ من الناس ولا فعله، كائنًا من كان، ووجَبَ على المؤمن اتباعها والتمسك بما دلَّتْ عليه، ورفض ما خالفه، كما قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤)} [النور: ٥٤]، فقد ضمن الله سبحانه في هذه الآية الهداية لمن أطاع الرسول. وقال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور: ٦٣].