للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال أبي (١): لا واللهِ؛ قد جاهدنا بعد رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وصلَّينَا، وصُمْنَا، وعمِلْنَا خيرًا كثيرًا، وأسلم على أيدينا بَشَرٌ كثيرٌ، وإنَّا لنرجو ذلك.

فقال أبي: لكنّي -أنا- والذي نَفْسُ عمر بيدِهِ- لودِدْتُ أنَّ ذلك برَدَ لنا، وأن كل شيءِ عملناه بعدُ نجونا منه كفافًا؛ رأسًا برأسٍ.

فقلت: إنَّ أباك -واللهِ- خيرٌ من أبي".

أخرجه البخاري (٣٩١٥).

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني -رَحِمَهُ اللهُ- في "فتح الباري" (٧/ ٣٠٠): "قوله: (فقلتُ): القائل هو أبو بردة، وخاطب بذلك ابن عمر؛ فأراد أن عمر خير من أبي موسى، وأراد من الحيثية المذكورة، وإلا فمن المقرَّر: أنَّ عمرَ أفضل من أبي موسى عند جميع الطوائف، لكن لا يمتنع أن يفوق بعض المفضولين بخصلة لا تستلزم الأفضلية المطلقة، ومع هذا؛ فعمر في هذه الخصلة المذكورة أيضًا أفضل من أبي موسى، لأن مقام الخوف أفضل من مقام الرجاء، فالعلم محيط بأن الآدميّ لا يخلو عن تقصير في كل ما يريد من الخير، وإنما قال عمر ذلك هضمًا لنفسه، وإلا فمقامه في الفضائل والكمالات أشهر من أن يذكر".

* * *

- هِجْرَة عمر وابنه عبد الله - رضي الله عنهما - ومبايعتهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

٦٠٩ - وقال البخاري: حدثني محمد بن صبَّاح -أو بلغني عنه-، حدثنا إسماعيل، عن عاصم، عن أبي عثمان، قال: "سمعتُ ابنَ عمر - رضي الله عنهما- إذا قيل له: هَاجَرَ قبل أبيه؛ يَغْضَبُ.

قال: وقدمتُ أنا وعمر على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجَدْنَاه قائلَا، فرجَعْنَا إلى المنزلِ، فأرسلني عمرُ، وقال: اذهَبْ فانظُرْ هَلِ استيقَظَ.


(١) قال الحافظ ابن حجر: كذا وقع فيه؛ والصواب: قال أبوك ...