وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له؛ كحديث كعب بن مالك وغيره" اهـ.
ونحوه في "الفتح" (٩/ ٦٠٨) للحافظ ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ-.
* * *
هجرُ عائشةَ لعبد الله بن الزبير، ثم رجوعها عن ذلك:
٢٤٣ - عن عوف بن الحارث -وهو ابن أخي عائشة لأمها-[كما في "المسند" للإمام أحمد]؛ أن عائشة حدَّثته: أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته: "والله لتنتهينَّ عائشةُ؛ أو لأحجُرَنَّ عليها"!
فقالت: "أهو قال هذا"؟! قالوا: نعم.
قالت: "هو لله عليَّ نَذْرٌ أن لا كلِّمَ ابنَ الزبير أبدًا".
فاستَشْفَعَ ابنُ الزبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت: "لا والله؛ لا أشفع فيه أبدًا، ولا أتحنَّثُ إلي نذري".
فلما طال ذلك على ابن الزبير؛ كلَّمَ المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغو-وهما من بني زهرة- وقال لهما: "أنشدُكما بالله؛ لمَا أدخَلْتُمَاني على عائشة، فإنها لا يحلُّ لها أن تنذرَ قطيعتي".
فأقبل به المسورُ وعبد الرحمن مُشْتَمِلَيْنِ بأرديتهما، حتى أستأذنا على عائشة، فقالا: "السلامُ عليكِ ورحمةُ الله وبركاته؛ أندخُلُ"؟
قالت عائشة: "ادخلوا". قالوا: "كلنا"؟
قالت: "نعم؛ ادخلوا كلكم" -ولا تعلم أن معهما ابنَ الزبير- فلما دخلوا دخل ابنُ الزبير الحجاب، فاعتنق عائشة، وطفِقَ يناشِدُها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يُنَاشِدَانِهَا إلا ما كلَّمَتهُ وقبِلَت منه، ويقولان: "إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عما قد علمتِ من الهجرة؛ فإنه لا يحل لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ".