٨٧ - قال الدارمي -رَحِمَهُ اللهُ-: أخبرنا الحكم بن المبارك، أنبانا عمرو بن يحيى، قال: سمعتُ أبي يحدّثُ عن أبيه، قال:
كنا نجلسُ على باب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مَشَينَا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه، فقال:"أخرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن"؟
قلنا: لا؛ بعدُ.
فجلس معنا حتى خرج، نلما خرج قمنا اليه جميعًا، فقال له أبو موسى:"يا أبا عبد الرحمن: إني رأيتُ في المسجد آنفًا أمرًا أنكرتُهُ، ولم أرَ والحمد لله إلا خيرًا.
قال: فما هو؟
فقال: إن عِشتَ فستراه. قال: رأيتُ في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرونَ الصلاة، في كل حَلَقة رجل، وفي أيديهم حصًا، فيقول: كبِّرُوا مئة، فيكَبِّرونَ مئة، فيقول: هلِّلُوا مئة، فيهلّلونَ مئة، ويقول: سبّحوا مئة، فيسبّحونَ مئة.
قال: فماذا قلتَ لهم؟
قال: ما قلتُ لهم شيئًا انتظار رأيكَ، أو انتظار أمركَ.
قال: أفلا أمرتَهم أن يعدُّوا سيئاتهم، وضَمِنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم".
ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلَقة من تلك الحِلَقِ، فوقف عليهم فقال:"ما هذا الذي أراكم تصنعونَ"؟
قالوا: يا أبا عبد الرحمن؛ حصًا نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح.
قال: "فعدُّوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيعَ من حسناتكم شيءٌ؛ وَيحَكُمْ يا أمةَ محمد! ما أسرعَ هلكتَكُم، هؤلاء صحابة نبيُّكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، وهذه ثيابُه لم تَبْلَ، وآنينُه لم تُكْسَرْ، والذي نفسي بيده؛ إنكم لعلى ملَّة هي