قلت: وقوله: "هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه"؟ وإجابة عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - بـ"نعم"؛ إنما يدل على أمره به وعزمه عليه لا على فعله، فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يَصُمْ يوم التاسع، بل قال:"لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع"، وفي رواية:"فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع"، قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: "فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -". أخرجه مسلم (١١٣٤) وغيره، والله تعالى أعلم.
* * *
١٦٢ - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، في قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)} [الذاريات: ١٧]. قال:"كانوا يُصَلُّون فيما بين المغرب والعشاء".
وفي رواية: في قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}[السجدة: ١٦]. قال:"كانوا يتيقَّظون ما بين المغرب والعشاء".
صحيح. أخرجه أبو داود (١٣٢١، ١٣٢٢) وابن أبي شيبة في "مصنفه"(٢/ ١٥/ ٥٩٢٩ - العلمية) والحاكم (٢/ ٤٦٧) والبيهقي في "السنن الكبرى"(٣/ ١٩).
من طريق: سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس به.
قال العلامة الألباني -رَحِمَهُ اللهُ- في "إرواء الغليل"(٢/ ٢٢٢/ ٤٦٩): "إسناده صحيح على شرط الشيخين، كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي.
وقد تابعه يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري القاضي- عن أنس، بلفظ: "إن هذه الآية {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} نزلت في انتظار هذه الصلاة التي تدعى العتمة".
أخرجه الترمذي (٢/ ٢٠٧) وقال: "حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
قلت - (الألباني) -: وإسناده صحيح، ورجاله رجال البخاري؛ غير شيخ الترمذي عبد الله بن أبي زياد، وهو ثقة.