للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجواز، وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين. وليس في حديث جبير بن مطعم (١) دليل على أن ذلك تكرر منه، وأما حديث زيد بن ثابت ففيه إشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل، ولو كان مروان يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب على ذلك لاحتج به على زيد؛ لكن لم يُرِدْ زيد فيما يظهر المواظبة على القراءة بالطوال، وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وفي حديث أم الفضل (٢) إشعار بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الصحة بأطول من المرسلات لكونه كان في حال شدة مرضه؛ وهو مظنة التخفيف، وهو يردُّ على أبي داود ادعاء نسخ التطويل، لأنه روى عقب حديث زيد بن ثابت من طريق عروة أنه كان يقرأ في المغرب بالقصار، قال: وهذا يدل على نسخ حديث زيد، ولم يبين وجه الدلالة.

وكأنه لما رأى عروة راوي الخبر عمل بخلافه حمله على أنه اطلع على ناسخه. ولا يخفى بُعدُ هذا الحمل، وكيف تصح دعوى النسخ وأم الفضل تقول: إن آخر صلاة صلاها بهم قرأ بالمرسلات.

قال ابن خزيمة في "صحيحه": هذا من الإختلاف المباح؛ فجائز للمصلي أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب، إلا أنه إذا كان إمامًا استحب له أن يخفف في القراءة كما تقدم" اهـ.

* * *

٣٢ - عن نافع: "أن ابن عمر رضي الله عنه -ما كان إذا رأى رجلًا لا يرفع يدبه إذا ركع وإذا رفع؛ رماه بالحصى".

أخرجه البخاري في "جزء رفع اليدين" (رقم: ١٥ - جلاء العينين) والحميدي في "مسنده" (٢/ ٢٧٧ - ٢٧٨/ ٦١٥) وأحمد في "مسائل ابنه عبد الله"


(١) وهو ما رواه البخاري عنه؛ أنه قال: "سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرا في المغرب بالطور".
(٢) وهو ما أخرجه البخاري أيضًا عن ابن عباس، أن أم الفضل سمعته يقرأ {والمرسلات عرفًا} فقالت: "يا بني، والله لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب".