فرجعتُ إلى أسماء، فخيَّرتُها، فقالت:"هذه جُبَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فأخرجت جبة طَيَالسيةِ كِسْرَوَانية، لها لِبنَةُ ديباج، وفَرْجَيْها مكفوفين بالديباج، فقالت:"هذه كانت عند عائشة حتى قُبِضَتْ، فلما قُبِضَتْ قبضتُها، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُسْتَشْفَى بها".
أخرجه مسلم (٢٠٦٩) وأحمد (١/ ٢٦) أو رقم (١٨١ - شاكر) -مختصرًا- من طريق يحيى به.
وأخرجه أبو داود (٤٠٥٤) وابن ماجه (٣٥٩٤) من طريق المغيرة بن زياد، عن عبد الله أبو عمر مولى أسماء بنت أبي بكر، قال:"رأيتُ ابن عمر في السوق اشترى ثوبًا شاميًا، فرأى فيه خيطًا أحمر؛ فردّه، فأتيتُ أسماء فذكرتُ ذلك لها، فقالت: يا جارية؛ ناوليني جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخرجت جبة طيالسية مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج".
فقه الأثر:
فيه المنع من لبس الحرير، ومذهب عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فيه المنع العام، سواء كان خالصًا، أو عَلَمًا، وذلك تمسُّكًا منه - رضي الله عنه - بعموم النهي عن لبس الحرير.
والرخصة في لبس الثوب الذي فيه العَلَم من الحرير؛ ثابتة عن كثير من فقهاء الصحابة؛ بل قد روى مسلم (٢٠٦٧) عن سويد بن عفلة، أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية، فقال:"نهى نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - عن لُبسِ الحرير إلا موضع أصبعين، أو ثلاث، أو أربع".
وقوله في رجب:"فكيف بمن يصوم الأبد"؛ قال أبو العباس القرطبي في "المفهم"(٥/ ٣٩٢):
"معناه: إذا كان صوم الأبد جائزًا؛ فكيف لا يكون صوم رجب كله جائزًا؛ وهذا تكذيب لمن نقل عنه، وإبطال لقول من يقول بذلك. وقد تقدم في كتاب الصوم الإختلاف في صوم الأبد" اهـ.
وفيه: جواز التبرك والإستشفاء بآثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهذا ثابت في السُّنَّة الصحيحة، وانظر كتاب "التبرك أنواعه وأحكامه" للدكتور ناصر بن