بعضه الروح ذهبَ ليجلس، فقال اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}، فلما تتابع فيه الروح عطَسَ؛ فقال الله -عَزَّ وَجَلَّ- له:"قل: الحمد لله". فقال: الحمدُ لله. فقال الله تعالى له:"يرحمك اللهُ ربُّكَ". ثم قال له:"اذهَبْ إلى أهل ذلك المجلس من الملائكة، وسَلِّمْ عليهم". ففعل. فقال:"هذه تحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذريَّتكَ". ثم مسَحَ ظَهْرهُ بيديه، فأخرج منها من خالقٌ من ذريَّته إلى أن تقومَ الساعةُ، ثم قَبَضَ يديه، وقال:"اخْتَرْ يا آدم". فقال: اختَرْتُ يمينَك يا رب، وكلتا يديك يمين. فبسطها فإذا ذريته من أهل الجنة. فقال: ما هؤلاء يا رب؟ قال:"هم من قضيتُ أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة إلى أن نقوم الساعة". فإذا فيهم من له وَبِيصٌ (١)، فقال: من هؤلاء يا رب؟ قال:"هم الأنبياء". قال: فمن هذا الذي له فَضْلُ وبيص؟ فال:"هو ابنُكَ داود". قال: فكم جعلتَ عمره؟ فال:"ستين سنة". قال: فكم عمري؟ قال:"ألف سنة". قال: فزِدْهُ يا ربّ من عمري أربعين سنة. قال:"إن شِئْتَ". قال: فقد شئتُ. قال:"إذاً يُكتب، ثم يُخْتَمُ، ثم لا يُبَدَّلُ". ثم رأى في أحد كفَّي الرحمن منهم آخر له فضل وَبيصِ، قال: فمن هذا يا ربّ؟ قال:"هذا محمد؛ هو آخِرُهم، وأوَّلُّهم أُدْخِلُهَ الجنّةَ".
فلما أتاه مَلَكُ الموتِ ليقبِضَ نفسَه؛ قال: إنه قد بقي من عمري أربعون سنة. قال: أَوَلَمْ تكن وهبتها لابنك داود؟! قال: لا. قال: فنسي آدمُ؛ فنسيت ذريَّتُه، وجَحَد آدمُ؛ فجحدت ذريَّتُه، وعصى آدمُ؛ فعصَتْ ذريَّتُه. وذلك أول يوم أمر بالشهداء".
أخرجه النسائي في "الكبرى"-عمل اليوم والليلة- (٦/ ٦٣/ ١٠٠٤٧) - جملة العطاس والسلام فقط - والفريابي في "القدر" (رقم:١) - واللفظ له- ومن طريقه الآجري في "الشريعة" (١/ ٤٠٧ - ٤٠٨/ ٤٧٣ - ط. الوليد سيف النصر) وابن بطة في الإبانة" -الكتاب الثاني- رقم (١٥٩١).