وقال:{وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: ٩٦]، {عَزِيزًا حَكِيمًا}[النساء: ٥٦]، {كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء: ٥٨]؛ فكأنه كان ثم مضى!
فقال (١): " {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} فيِ النَّفْخَةِ الأولى، ثم يُنْفَخُ في الصور؛ {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ}[الزمر: ٦٨]، فلا أنساب بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون، ثما في النفخة الآخرة {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧)}.
وأما قوله:{مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، {وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ}؛ فإن اللهَ يَغْفِرُ لأهل الإخلاصِ ذنوبَهُم، وقال المشركون: تَعَالَوْا نقولُ: لم نكن مشركين. فخُتِمَ على أفواههم، فتَنْطِقُ أيديهم، فعند ذلك عُرِفَ أن الله لا يُكْتَمُ حديثًا، وعنده {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية.
وخلقَ الأرضَ في يومين، ثم خلق السماءَ، ثم استوى إلى السماء؛ فسوَّاهنَّ في يومين آخرين، ثم دحا الأرض، ودَحْوُهَا: أَنْ أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبالَ، والجمالَ، والآكامَ، وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قولهُ:{دَحَاهَا}، وقوله:{خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ}؛ فجُعِلَتِ الأرضُ وما فيها من شيء في أربعة أيام، وخلقت السماوات في يومين.
{وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}؛ سمَّى نفسَه ذلك، وذلك قولُه؛ أي: لم يزل كذلك، فإن الله لم يُرِدْ شيئَا إلا أصابَ به الذي أرادَ؛ فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلًّا من عند الله".
قال البخاري: حدثني يوسف بن عَدِيّ، حدثنا عُبيدُ الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أَنيسةَ، عن المنهال بهدا.
أخرجه البخاري في "صحيحه"(٨/ ٥٥٥ - الفتح)، (٦٥) كتاب تفسير القرآن، سورة حم السجدة. والطبراني في "المعجم الكبير"(١٠/ رقم: ١٠٥٩٤)، وابن منده في "التوحيد"(١/ ١٠٥/ رقم: ١٩، ٢٠)، والبيهقي في