إلا صُبَابَةٌ كصُبَابَةِ الإناءِ؛ يتَصَابُّها صاحبُها، وإنكم مُنْتَقِلُونَ منها إلى دارِ لا زوالَ لها، فَانْتَقِلُوا بخيرِ ما بحَضْرَتِكُمْ، فإنَّهُ قد ذُكِرَ لنَا: أن الحجرَ يُلْقَىِ من شَفَةِ جهنَّم، فيهوي فيهَا سبعينَ عامَا لا يُدْرِكُ لها قَعْرًا، ووَاللهِ لتُمْلأَنَّ؛ أَفَعَجِبتُمْ؟!
ولقد ذُكِرَ لنَا: أن ما بين مِصْرَاعَينِ من مَصَاريعِ الجنةِ مسيرةُ أربعينَ سنةَ، ولَيَأْتِيَن عليها يومٌ وهو كظِيظٌ من الزِّحَامِ.
ولقد رأيتُني سابعَ سبعةٍ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ ما لنَا طعامٌ إلأَ ورقُ الشجرِ، حتى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنا، فالْتَقَطتُ بُرْدَةَ فشَقَقْتُهَا بيني وبين سَعْدِ بن مالكِ، فاتَزَرْتُ بنصفِها، واتَزَرَ سعدٌ بنصفِها، فما أصبحَ اليومَ منَّا أحدٌ إلأَ أصبحَ أميرًا على مِصْرِ منَ الأمْصَارِ، وإني أعوذُ باللهِ أَنْ أكونَ في نفسي عظيمًا وعند الله صغيرًا، وإنها لم تكن نبوَّةٌ قط إلَّا تَنَاسَخَتْ، حتى يكون آخرُ عاقبتها مُلكًا، فَسَتَخْبُرُونَ وتُجَرِّبونَ الأمراءَ بعدنا".
أخرجه مسلم (٢٩٦٧).
وأخرجه الترمذي (٢٥٧٦) من طريق: فُضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، قال: قال عُتبة بن غزوان على منبرِنا هذا -منبرِ البصرة-: عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: "إن الصَّخرَةَ العظيمةَ لتُلْقَى من شَفِيرِ جهنَّمَ؛ فتهوي فيها سبعين عامًا وما تُفضي إلى قرارها".
قال: وكان عمر يقول: "أكثروا ذكرَ النَّارِ؛ فإنَّ حرَّها شديدٌ، وإن قَعْرَهَا بعيدٌ، وإنَّ مقامِعَها حديدٌ".
قال الإمام أبو عيسى الترمذي: "لا نعرِفُ للحسنِ سَمَاعًا من عُتْبَةَ بن غزوان، وإنما قَدِمَ عُتبةُ بنُ غَزوان البصرةَ في زمنِ عمر، ووُلد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر".
وأخرجه ابن ماجه (٤١٥٦) من طريق: وكيع، عن أبي نَعَامَةَ؛ سمعه من خالد بن عُمير، قال: خطَبَنَا عُتبة بن غزوان على المنبر، فقال: "لقد رأيتُني سابعَ