بمجرد ذلك؛ لاحتمال أنه شربها جاهلًا كونها خمرًا، أو مكرهًا عليها أو غير ذلك من الأعذار المسقطة للحدود.
ودليل مالك هنا قوي؛ لأن الصحابة اتفقوا على جلد الوليد بن عقبة المذكور في هذا الحديث.
وقد يجيب أصحابنا عن هذا بأن عثمان - رضي الله عنه - علم شرب الوليد فقضى بعلمه في الحدود؛ وهذا تأويل ضعيف، وظاهر كلام عثمان يرد هذا التأويل، والله أعلم!.
ومعنى قول الحسن:"ولّ حارّها من تولّى قارّها"؛ هذا مثل من أمثال العرب، قال الأصمعي: معناه: ولّ شدّتها من تولى هنيئَها. ومعناه: ولّ إقامة الحدّ من تولى إمرة المسلمين وتناول حلاوة ذلك.
وقوله:"فكأنه وجد عليه"؛ أي: غضب عليه لأجل توقفه فيما أمره به، وتعريضه بالأمراء. "المفهم"(٥/ ١٣٥).
وقوله:"فجلده وعليّ يعد ... إلخ"؛ فيه: أن عليًا - رضي الله عنه - مذهبه في شارب الخمر أن يُحَدَّ بأربعين جلدة؛ لكن هذا يعارضه ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم: ٣٦٩٦) من أنه جلد الوليد ثمانين جلدة، وأنه جلد الرجل المعروف بالنجاشي ثمانين جلدة. وانظر كلام النووى حول هذه المسألة.
وفيه "دليل واضح على اعتقاد علي - رضي الله عنه - صحة إمامة الخليفتين أبي بكر وعمر، وأن حكمهما يقال عليه: سنة، خلافًا للرافضة والشيعة، وهو أعظم حجة عليهم؛ لأنه قول متبوعهم الذي يتعضبون له ويعتقدون فيه ما يتبرأ هو منه. وكيف لا تكون أقوال أبي بكر وعمر وأفعالهما سنة وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" (١)؟! اهـ.
من "المفهم" لأبي العباس القرطبي (٥/ ١٣٦).
* * *
٤٨ - قال الحافظ سعيد بن منصور -رَحِمَهُ اللهُ-: ثنا سفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود في قوله
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣٨٢) والترمذي (٣٦٦٣) وابن ماجه (٩٧) وغيرهم، وصححه الألباني.