للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والثاني: سُنَّة، وحُمل الأمر بخروجهنَّ على الندب. قاله جماعة، وقؤاه الشارح؛ مستدلاً بأنه علّلَ خروجهنَّ: بشهود الخير ودعوة المسلمين.

قال: ولو كان واجبًا لما عقلَ بذلك، ولكان خروجهن لأداء الواجب عليهنَّ لامتثال الأمر.

قلتُ: وفيه تأمُّلٌ؛ فإنه قد يُعَلَّلُ الواجبُ بما فيه من الفوائد، ولا يُعلَّلُ بأدائه.

وفي كلام الشافعي في "الأم" (١) التفرقة بين ذوات الهيئات والعجائز؛ فإنه قال: وأُحبُّ شهود العجائز وغير ذوات الهيئات من النساء الصلاة، وأنا لشهودهنَّ الأعياد أشدّ استحبابَّا.

والثالث: أنه منسوخ. قال الطحاوي: إن ذلك كان في صدر الإسلام للإحتياج في خروجهنَّ لتكثير السواد، فيكون فيه إرهاب للعدو. ثم نُسِخَ.

وتُعُقَّبَ: أنه نسخٌ بمجرد الدعوى!

ويدفعه: أن ابن عباس شهد خروجهنَّ وهو صغير، وكان ذلك بعد فتح مكة، ولا حاجة إليهنَّ لقوة الإسلام حينئذٍ.

ويدفعه: أنه علّل في حديث أم عطية حضورهنَّ لشهادتهنَّ الخيرَ ودعوة المسلمين.

ويدفعه: أنه أفتت به أم عطية بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - بمدة، ولم يخالفها أحدٌ من الصحابة.

وأما قول عائشة: "لو رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أحدَثَ النساءُ؛ لمنعهنَّ عن المساجد"؛ فهو لا يدلُّ على تحريم خروجهنَّ، ولا على نسخ الأمر به؛ بل فيه دليلٌ على أنهن لا يُمنعن؛ لأنه لم يمنعهنَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ بل أمر بإخراجهن، فليس لنا أن نمنع ما أمرَ به" اهـ.


(١) (١/ ٢٧٥) طبعة دار الفكر. (منه).